ولا ينتصِر إلا الحب

ربيت كاليتيمة، مع أنّ والدَيّ لَم يموتا بل ترَكاني الواحد تلوَ الآخَر لِعَيش حياتهما كما يحلو لهما. ترَكاني عند جدّتي وخالتي ويا لَيتني رحتُ دارًا للأيتام لَذِقتُ طعم الهناء. لكنّ الظروف شاءَت أن أقضيَ سنوات طويلة مع عجوز نصف خرِفة وخالة مُتزمِّتة ومُتنمِّرة. كنتُ في السابعة مِن عمري، أيّ فتاةً مليئة بالحيويّة والآمال بالرغم مِن هَجر أبوَيّ لي، فكنتُ سأرتاحُ أخيرًا مِن الشجار والصراخ اللذَين كانا يدوران بينهما ليلاً نهارًا. أعجبَتني فكرة العَيش في ذلك البيت القديم المُحاط بحديقة صغيرة تصوّرتُ نفسي ألعبُ فيها برفقة صديقاتي وزميلاتي في المدرسة. لكن ما كان ينتظرُني كان مُخالفًا تمامًا لتصوّراتي البريئة.

كانت رهَف، خالتي، لا تزال عزباء بالرغم مِن بلوغها سنّ الأربعين، وتكرهُ صنف الرجال برمّته مُبرّرة ذلك الحقد بأنّهم لا يُفكّرون سوى بشيء واحد، أيّ الرذيلة. وذلك الأمر بحدّ ذاته كان مرفوضًا لدَيها، وصبَّت كلّ اهتمامها على دراسة الدين وتطبيقه… بِحَزم. وحين قدِمتُ إليها، رأت فيّ تلميذة مثاليّة تُشغِلُ وقتها بي وتعلّمني كلّ ما تعرفه.

صارَت حياتي بمثابة حياة سجينة، إذ كان ممنوعًا عليّ الذهاب إلى أيّ مكان أو استقبال أيّ أحَد، وكانت المدرسة نافذتي الوحيدة إلى العالَم. إضافة إلى ذلك، غيّرَت خالتي طريقة ارتدائي الملابس، فلَم يعُد يظهرُ منّي إلا جزء مِن وجهي. وحتّى يدايَ كانتا مُغطتان بقفازَين صيفًا شتاءً. سخِرَ منّي رفاقي، الأمر الذي أحرجَني إلى أقصى درجة وولّدَ في قلبي كرهًا للمدرسة والدرس. وحين أخبرتُ رهَف ماذا يحصلُ لي، هي قالَت ممتنّة:

1 2 3 4 5 6 7الصفحة التالية
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى