حكم امتناع الزوجة عن زوجها بسبب التعب والارهاق

حكم امتناع الزوجة عن زوجها بسبب التعب والارهاق وهو موضوع هذا المقال، حيث يعد واحد من أهم الأسئلة الشرعية التي من الواجب على كل امرأة مسلمة أن تكون على علم ومعرفة بالإجابة عنه، حتى لا تقع في الخطأ الشرعي جهلًا منها بالأحكام الشرعية التي تتعلق بموضوع امتناع الزوجة عن زوجها، ومن خلال هذا المقال سوف يبين موقع تصفح للزوار الكرام ما هي الأعذار الشرعية المانعة من الجماع للمرأة، وبيان الإجابة الصحيحة حول حكم امتناع الزوجة عن زوجها بسبب التعب والإرهاق.

الأعذار الشرعية المانعة من الجماع للمرأة

يُحرم على المرأة أن تمتنع عن تلبية زوجها لو طلبها للجماع ولو يوميًا، فقد جاء عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: “إذا دعا الرجلُ امرأتَه إلى فراشه فأبت فبات غضبان عليها لعنتها الملائكةُ حتى تُصبح”، وقد أجاز الشرع للمرأة أن تمتنع عن تلبية زوجها بثلاث حالاتٍ وأعذار فقط، وهي:

  • إن يكن الجماع يعود عليها بضرر جسدي بموجب فحص طبي موثوق، فيجوز عندها للمرأة أن تمتنع عن تلبية زوجها، لقول النبي ‏-صلى الله عليه وسلم- في الحديث: “لا ضرر ولا ضرار”.
  • إن تكون الزوجة قد أصيبت بعجزٍ بدني تعجز معه عن تلبية زوجها، فالتكليف يكون مع القدرة، ولو سقطت القدرة سقط التكليف؛ فقد قال -تعالى- في محكم تنزيله: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}
  • إن كانت حائضًا أو نفساء، ويجدر بالإشارة إلى أنّ النفور من الجماع لا يعد عذراً شرعياً للمرأة لتمتنع عن زوجها.

حكم امتناع الزوجة عن زوجها بسبب التعب والارهاق

الواجب على الزوجة تلبية زوجها إذا دعاها للفراش باتفاق المذاهب الفقهية الأربعة، ولا يجوز للمرأة الامتناع عن زوجها بسبب التعب والإرهاق، أما إذا كان الجماع يسبب لها ضررًأ فامتناعها جائزًا، وإذا لم تكن تتضرر ولكن تتأذى بشكل يمكن احتماله ففي هذه الحالة ينبغي عليها أن تبين لزوجها ذلك، فإن رضي بترك الجماع فلا حرج عليها، وأما إن دعاها للجماع فالواجب عليها طاعته ولا يجوز لها الامتناع منه، أمّا إن كانت تمتنع عن الجماع لتعب يسير أو لعذر غير مقنع؛ فهي آثمة، وتنالها لعنة الملائكة؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم- في الحديث: “إِذَا دَعَا الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ إلى فِرَاشِهِ فأبَتْ فَبَاتَ غَضْبَانَ عَلَيْهَا لَعَنَتْهَا المَلَائِكَةُ حتَّى تُصْبِحَ”، وإذا لم يكن لها عذرٌ شرعي يبيح ذلك فقد ارتكبت ذنباً عظيماً في عدم إجابة زوجها، فقد نالت غضبَ الله -تعالى- عليها، فإذا أرادت أن يُغفر لها هذا الذنب وجب عليها أن تتوبَ إلى الله -عزّ وجل- من هذه المعصية، وأن تندمَ عليها، وأن تعزمَ على عدم العودة إليها مستقبلاً، كما أنّ عليها أن تطلبَ العفو من زوجها، بسبب رفضها إجابة حقّ من الحقوق الشرعية الثابتة له شرعاً، فقد ورد الكثير من الأحاديث الصحيحة التي تبيّن عظيم حق الرجل وضرورة تلبية المرأة لطلبه.

امتناع المرأة عن إجابة زوجها بسبب حالتها النفسية

لا يحل للمرأة ولا يجوز لها أن تهجر فراش زوجها أبدًا بسبب حالتها النفسية، حيثُ إنّ اضطراب الحالة النفسية أو عدم الرغبة بالجماع من قِبل الزوجة لا يبيح لها الامتناع عن فراش زوجها، ففي الصحيح الذي رواه أبو هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: “والذي نَفْسي بيدِهِ، ما مِن رجُلٍ يدعو امرأتَهُ إلى فِراشِهِ، فتَأْبى عليه، إلَّا كان الذي في السَّماءِ ساخطًا عليها حتَّى يَرْضى عنها”، كما ينبغي الإشارة إلى أنّ الهدف الأساسي الذي شرع الله -تعالى- الزواج لأجله هو إعفاف الزوجين وتلبية رغباتهما الجنسيّة واحتياجاتهما الغريزية التي لا تكون مباحة إلا بالزواج، ففي هذه الحالة تنتهي الرذيلة والمفاسد، وتعم الفضيلة، فمن أجل ذلك أمر الإسلام الزوجة بطاعة زوجها إذا دعاها لفراشه، كما يجب على الزوج أيضًا إطاعة زوجته في وطئها إذا كانت راغبة بذلك، فلا يباح لأي منهما الامتناع عن الآخر إذا لم يوجد سبب حقيقي مقنع كالمرض أو الانشغال عن صلاة أو الحيض أو غيرها من أسباب شرعيّة مقنعة.

حكم رفض الزوجة للجماع بسبب المرض

يجوز للمرأة رفض الجماع بسبب المرض، فهو من الأعذار المبيحة لامتناع المرأة عن فراش زوجها، فإذا كانت الزوجة مصابة بمرض، أو أنها تتضرر من الجماع بسبب وجود جرح فهذا يعتبر عذر لها في الامتناع حتى تتعافى من مرضها، فقد قال -تعالى- في محكم تنزيله: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}، كما جاء في روضة الطالبين وعمدة المفتين: ” وَلَوْ كَانَتْ مَرِيضَةً ، أَوْ كَانَ بِهَا قَرْحٌ يَضُرُّهَا الْوَطْءُ ، فَهِيَ مَعْذُورَةٌ فِي الِامْتِنَاعِ عَنِ الْوَطْءِ “، ويترتب على الزوج في هذه الحالة أن يتفهم حالة زوجته ويمتنع عن جماعها حتى تتعافى من مرضها؛ فإن هذا مما تقوى به العشرة، وتكتسب به المودة، أما بالنسبة للزوجة ينبغي أن تبذل جهدها في العلاج، وإن طال مرضها يكون الزوج مخير في هذه الحالة إما يصبر عليها أو يزوج غيرها.

حكم امتناع الزوجة عن زوجها بسبب الغضب

لا يجوز للمرأة أن تمتنع عن فراش زوجها بسبب الغضب ولا بسبب غيره، فقد أمرها الشرع الحكيم أن تلبي زوجها عندما يطلبها للفراش، حيثُ إن الامتناع عن الجماع في هذه الحالة لا يعدّ من الأعذار المبيحة لها، فمن حق الزوج أن يجامع زوجته بالوقت الذي يريده، وليس لها أن ترفض إلا لوجود عذر وسبب شرعي مبيح لذلك، ولو كان بين المرأة وزوجها خلافات الأولى أن تحرص على ألا تمتنع عن زوجها، وتنام في فراشه لتذهب هذه الخلافات بحسن العشرة والتبعل لزوجها، فقد قال النووي -رحمه الله- في ذلك: “والصواب في النوم مع الزوجة أنه إذا لم يكن لواحد منهما عذر في الانفراد فاجتماعهما في فراش واحد أفضل…”، فالعلاقات الزوجية في الإسلام تبنى على الرحمة والألفة والمودة، ويجدر بالذّكر أنّ حق الزوج على زوجته بالجماع في الوقت الذي يريده هو حق ثابت له بمجرد أن أعطاها مهرها المتفق عليه، ومقابل النفقة عليها، لذا فمن الواجب على الزوجة طاعة زوجها إذا طلبها لفراش الزوجيّة، كذلك ليس للزوج الامتناع عن الإنفاق على الزوجة إذا هو غضب منها، فهو مستحق للجماع من الزوجة، وهي مستحقة للنفقة منه.

حكم امتناع الزوجة عن زوجها بسبب الصلاة

لا يجوز للزوجة الامتناع عن فراش زوجها بسبب الصلاة، فهو لا يعد من الأعذار المبيحة لامتناع الزوجة عن فراش زوجها، حيثُ إنّ عدم تلبية المرأة لزوجها خوفًا من عدم استقياظها لصلاة الفجر أمرًا لا يجوز، فليس للزوجة تقديم الشيء الواجب وهو الجماع على الشيء الذي لم يجب بعد وهو صلاة الفجر، فإجابة الزوج إلى فراش الزوجيّة واجبة، كما لا يجوز أن تمتنع الزوجة عن إجابة زوجها وهناك وقت كثير قبل خروج وقت الصلاة، حيثُ إنّ في امتناعها إثم كبير، وتكون الزوجة قد عرضت صلاتها لعدم القبول، حيث ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ” ثلاثةٌ لا ترتفِعُ صلاتُهُم فوقَ رءوسِهِم شِبرًا : رجلٌ أمَّ قومًا وَهُم لَهُ كارِهونَ ، وامرأةٌ باتَت وزوجُها علَيها ساخطٌ ، وأَخَوانِ مُتصارِمانِ”، لذا يتوجب على الزوجة إطاعة زوجها والتوبة لله تعالى، والإكثار من الاستغفار عن ذنبها، ولا تعود لمثل تلك الأفعال أبدًا حتى لا تقع في الحرام، ويقع زوجها في المحظور إذا لم تلبِ طلبه للفراش.

حكم امتناع الزوجة عن زوجها بسبب تعب الحمل

يجوز للمرأة أن تمتنع عن زوجها إذا كانت تتضرر بالجماع في الحمل، لأنها في هذه الحالة معذورة بسبب وجود ضرر أدى لعدم تحملها الجماع، ولكن إن كان الضَّرر يمكن احتماله ولا يؤثر على الزوجة بشكل كبير فالواجب عليها الصبر والتحمل من أجل تأدية حق الزّوج؛ وإلا أثمت فقد قال -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الشريف: “إذا باتت المرأة هاجرة فراش زوجها لعنتها الملائكة حتى تصبح”، كما قال الشيخ مرعي الكرمي -رحمه الله- في ذلك: “وللزوج أن يستمتع بزوجته كل وقت، على أي صفة كانت، ما لم يضرها، أو يشغلها عن الفرائض, لحديث: لا ضرر ولا ضرار”، ومن الأفضل أن يراعي الزوج الحالة الصحية لزوجته، فلا يضرها من أجل الجماع، كما أنّ امتناع الزوجة عن زوجها دون وجود عذر شرعي مع شدة حاجة الزوج وإلحاحه في الطلب مُحرَّم، ويعد من كبائر الذنوب، ويتوجب على الزوجة التوبة إلى الله -تعالى- والإكثار من الاستغفار وإطاعة زوجها إذا دعاها للفراش.

حديث نبوي عن امتناع الزوجة عن زوجها

ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- حديث شريف يبيّن مدى حُرمة وخطورة امتناع المرأة عن فراش زوجها، ونص الحديث الوارد عن أبو هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: “إِذَا دَعَا الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ إلى فِرَاشِهِ فأبَتْ فَبَاتَ غَضْبَانَ عَلَيْهَا لَعَنَتْهَا المَلَائِكَةُ حتَّى تُصْبِحَ”، حيثُ ينبغي على الزوجين أن يعاشر كل منهما الآخر بالمعروف، وأن يقوم كلا الطرفين بواجباتهما الشرعيّة تجاه بعضهما البعض قدر المستطاع، فقد جاء في الحديث تحذير للزوجة من الامتناع عن فراش الزوج، فإذا طلب الزوج الجماع من زوجته ورفضت هي ذلك، وغضب منها زوجها، ونام كل منهما وهما على تلك الحالة، كان لذلك نتائج خطيرة، حيث تبات الزوجة والملائكة تلعنها: والمقصود تطردها من رحمة الله، لأنها خالفت أوامر زوجها، ومنعته من حق شرعي مثبت له.

ماذا يفعل الزوج إذا امتنعت عنه زوجته

إذا امتنعت الزوجة من الفراش دون عذر، فهي عاصية ويجوز للزوج جبرها على الجماع، حيث إنّ عدم تلبية الزوجة رغبة زوجها إذا دعاها للفراش هو نشوز، وإن نشوز المرأة على زوجها حرام لا يجوز في الإسلام باتّفاق أهل العلم جميعًا، وينبغي على الزوج أن يعظها ويخوفها من عقاب الله -تعالى- ويهجرها، وله أن يضربها ضرب غير مُبَرِّح، فقد قال -تعالى- في محكم تنزيله: {وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا}، أما إذا طلبت الزوجة الطلاق في هذه الحالة يجوز للرجل أن يُضيق عيها ويضغطها، ويمتنع عن طلاقها حتى ترد له ما أعطاها من مهر وذهب ولباس، فلا يحق لها شيء، لأنها هي من آذت زوجها بعدم إجابته لها بالفراش، فقد قامت بأمر محرّم لا يبيحه الشرع ولا الدين، لذا الجزاء يكون من جنس العمل الذي قامت به الزوجة، فقد قال تعالى: {وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُواْ بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ}، وفي هذه الحالة أباح الله -تعالى- التضييق على الزوجة الناشز غير المطيعة لزوجها.

وبهذا نكون قد وصلنا إلى ختام مقال حكم امتناع الزوجة عن زوجها بسبب التعب والارهاق، والذي سلّط الضّوء على الأعذار الشرعية المانعة من الجماع للمرأة، فقد بيّنا الإجابة الصحيحة حول السؤال المطروح، كما تمّ بيان بعض من الأحكام الشرعية ذات العلاقة بالموضوع، كحكم امتناع الزوجة عن زوجها بسبب الصلاة أو المرض أو الحالة النفسية، وأيضًا أدرجنا حديث نبوي عن امتناع الزوجة عن زوجها، ونختم المقال ببيان ماذا يفعل الزوج إذا امتنعت عنه زوجته،  نرجو أن نكون قد وفقنا في الإجابة على هذا السؤال وأن نكون حملنا لكم الفائدة في هذا المقال.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى