لاحظت الزوجة في الأشهر الأخيرة تغيب زوجها

أرتفع صوتها أكثر وهى تطالبه بأن يريها زوجته الثانية وتستفسر منه عن سببتفضيله له، أخذت تنعته بقلة الأصل بينما تحرك بهدوء وهو مازال صامتا نحو أحد الغرفة الوحيدة المتواجدة بالشقة، دخل إليها وهو تتبعه مسرعة لترى من فضلها عليها.

ما أن دلفت للداخل حتى تفاجأت بشدة مما وجدته، رأت امرأة عجوز  أمتلأ وجهها بالتجاعيد مستلقية على فراش قديم، متدثرة بغطاء مهترئ ولجوارها منضدة صغيرة موضوع عليها زجاجه ماء وطبق بداخله بعض الحساء و أخر ممتلئ بالأرز.

أصابتها الدهشة الشديدة مما ترى، سألته بصوت منخفض قائلة:
– من هذه ؟
– بعدما أنتهي من إطعامها سأخبرك بكل شئ.

قالها وهو يجلس على حافة فراش العجوز ويطعمها وهو يتحدث إليها ليعرفها على زوجته التى وقفت تنظر مذهولة لزوجها الذى لم تكن تتوقع أن يمتلك كل الرأفة بداخله، فالبرغم من علمها بطيبة قلبه ولكنها لم تكن تتخيل على الأطلاق أن يصل الأمر لهذا الحد.

رفعت العجوز يديها فى إشارة له بأنها قد شعرت بالشبع، أبتسم لها وحمل الأطباق للمطبخ وعاد حاملا طبق بلاستيكى كبير وقرورة ماء وقطعة صابون، قام بغسل يدي العجوز وأنصرف ليعيد الأغراض لمكانها.

بينما زوجته واقفه على باب الغرفة تنظر لما يفعله غير مصدقة لما تراه يقوم به.
بعدما أنتهى عاد للجلوس بجوار العجوز على الفراش، أمسك بيدها وقبلها بحنان وهو يسألها اذا ما كانت بحاجة لأى شئ، فشكرته بصوت منخفض وهى تخبره بأنها ستخلد للنوم.

خرج للجلوس على الأريكةالوحيدة المتواجدة بالصالة، أشار لزوجته أن تجلس لجواره، ما أن فعلت حتى أخذت تعتذر له بشدة عن ما صدر منها وتطلب منه أن يسامحها، أمسك بيدها وربت عليها بحنان وهو يخبرها بأنه لم يغضب منها على الأطلاق وأن أى شخص بنفس موقفها كان سيفعل مافعلته وأكثر.

طلبت منه أن يخبرها بقصة تلك العجوز، أخبرها إنه ذات يوم أثناء سيره بالتوك توك، رأى العجوز جالسة على الرصيف تبكي بشدة، ولجوارها حقيبة ممتلئة بملابس قديمة، توجه إليها مستفسرا عن سبب بكاءها وجلوسها بهذا المكان، أخبرته بأن صاحب البيت الذى كانت تسكن فيه قام بطردها لعدم تمكنها من دفع الإيجار المتأخر لمدة ثلاثة أشهر، بسبب عدم قدرتها على أستكمال بعض الإجراءات الدورية الخاصة بالمعاش الذى تتقاضاه.

حاول أن يتحدث لصاحب البيت ولكن ذلك الأخير صمم على قراره بطردها، فما كان منه إلا أن ساعدها فى ركوب التوك توك ووضع حقيبتها لجوارها وأخذ يدور باحثا لها عن مكان يأويها حتى استطاع أستئجار تلك الشقة، وإنه يقوم برعايتها بصورة يومية، يعد لها الطعام ويقوم بتنظيف البيت ويحضر لها كل ماتريده.

احتضنته زوجته بقوة وهى تبكي متأثرة مما سمعته، لم يتمالك هو أيضا حبس دموعه التى أنهمرت بغزارة.
عاتبته زوجته برقة عن اخفاء أمرا كهذا عنها، فأخبرها بأن أعظم الأمور وافضلها أجرا هى الخبيئة التى يقوم بها الشخص دون أن يطلع عليها أحدا ابتغاءرضا (الله) عز وجل

تمت 
قصة  قصيرة

الصفحة السابقة 1 2
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى