قصة سيده
بلغت من العمر إثنين و أربعين سنة ولم أعد أفكر في الزواج
هكذا بدأت إحدى السيدات تحكي قصتها:
تلاحقت السنين وراء بعضها،بين خطوبة فاشلة
وأناس غير لائقة
حتى عندما تقدم إليا أحدهم لم أستطيع القبول ولا حتى التفكير في هذه الخطوة الٱن
فأنا في خدمة أبي
أبي أصبح طريح الفراش ومريض ويحتاج الى رعاية تامة
هكذا شاءت الأقدار أن أبقى أنا في ٱخر المطاف في خدمته
أخت وحيدة تزوجت في فرنسا
وأخ وحيد متزوج ويعيش في إحدى ولايات الشمال
جميع الأقارب والمعارف يلحون علي بترك أبي عند أخي
لكنني أنا أدرى بالظروف،فبيت أخي ضيق
ومن المستحيل أن تستطيع زوجة أخي أن تقدم له الرعاية الكافية مع أولادها الأربعة
ولن أكون مرتاحة أبدا لو تركته في أيدي غيري
هكذا شاء الله وأنا قبلت هذه المشيئة بكل صبر ورضا في النفس
ماديا أنا مستورة والحمد لله ،نعيش من تقاعد أبي البسيط
مع كرم أختي المتزوجة في فرنسا من الحين والٱخر
لا ينقصنا شيئا
المتنفس الوحيد الذي كان يخفف عني بعض الشيء هو صنع الحلويات
في أوقات الفراغ
أنا شغوفة جدا بهذا الفن
حتى أنني إبتكرت حلويات جديدة،لها طعم جديد وخاص
فأحس بسعادة كبيرة تغمرني
حتى أن الكثيرات يتصلن بي كي أعطيهن سر الوصفة
هكذا هي حياتي
،لا جديد يذكر ،ولا قديم يعاد
سوى زيارة بعض الأقارب والتسوق بعض الأحيان
للضرورة فقط
حتى الأفراح فأنا لا أبقى فيها أكثر من ساعتين
لأنني أخاف أن أترك الوالد وحده
وتمر الأيام والشهور تتشابه ولا تختلف
ينتابني أحيانا إحساس أنني سوف أبقى وحدي
ثم سرعان ما أتذكر أن رحمة الله وسعت كل شيء
وأنه لن يتركني الله وحدي
مادامني لم أترك أبي وحده
في أحد الأيام زارتني إحدى الجارات لتقول لي:
– هناك شخص ،يرغب في الإرتباط بك!!
ـ كيف؟!,أنت تعرفين ظروفي جيدا
ـ إنه مغترب قرر الرجوع إلى الوطن والإستقرار فيه
وهو مستعد للسكن معك في بيتك
وحتى مساعدتك في رعاية والدك أنا أعرفه جيدا!
هو نعم الرجل لا نعرف عنه إلا كل طيب!!!
– ولكنني من الممكن أن لا !
قاطعتني هي تعرف ماذا كنت سا أقول:
ـ له إبن وبنت من زوجة فرنسية،ټوفيت منذ مدة
وهما يعيشان عند جدتهما
ولن يحرجك بالإنجاب كوني مطمئنة !!!
كان يجب أن أستنجد بأقاربي للتأكد من أخلاقه
وسيرته
وفعلا ،تم الإرتباط بحظور كل أحبابي وأهلي وجيراني
حتى أنه ساعدني في قضاء كل الأمور
ليس هذا فقط
أنجبت منه بنت وأنا في الرابعة والأربعين من العمر بنت بهية الطلعة سميتها على أمي رحمها الله
وبعد سنتين ټوفي أبي رحمه الله ولم ينقصه شيئا من الرعاية
في نفس السنة أنجبت إبنا ٱخر لتكتمل فرحتي بتسميته على أبي رحمه الله
أمام ذهول وتعجب كل المحيطين بي
وإذعان تام بلطف الله وكرمه جل في علاه
ربما يطول الصبر ويطول معه الرجاء
ويطول معه الڤرج
ولكن يبقى الصبر جميل
وجماله يتمثل في نهايته
وفي الغنائم التي ننالها منه
يكفي أن الله يحب الصابرين
فنهايته حتما ستكون جزاءا طيبا
سواءا في الدنيا أو في الٱخرة
بقلمي