الاول1

خرجت من الشقة وأنا جسمي بيترعش، مش عارف ده خوف ولا رغبة ولا اتنين مع بعض.
السلم كان ضلمة، وصوت نفسي بيطلع متقطع وأنا نازل درجة درجة كأني بهرب من جريمة لسه مخلصتش.
لما وصلت للشارع، أول نفس أخدته كان تقيل… كأنه أول نفس بعد غطس طويل في الميه.

مشيت وأنا ببص ورايا كل شوية، حاسس إن في حد بيتابعني… يمكن جوزها، يمكن سماح، يمكن حتى نظرتها اللي فضلت مرسومة في دماغي.
كل ما أفتكر صوتها وهي بتهمس “ما تمشيش” جسمي يقشعر.
إزاي؟ الباب اتقفل من بره… يعني مين اللي قالها؟
ولا يمكن… ماكنش في صوت أصلاً؟

وصلت البيت بعد نص ساعة، دخلت أوضتي، قفلت الباب بالمفتاح وقعدت ع السرير.
حاولت أقنع نفسي إن اللي حصل كان مجرد يوم غريب من أيام الشغل… لكن كل حاجة كانت حقيقية أوي: ريحة عطرها، ملمس رجليها، نظرتها، خوفها… وصوت المفاتيح في الباب.

فتحت الدفتر بتاع القراءات، كنت متأكد إني سبت عليه أثري هناك… بس لما قلبت صفحاته، لقيت رقم عداد بيتها مكتوب فعلاً، وممضي باسمي.
إزاي؟ أنا ما كتبتوش.

حسيت ببرودة غريبة في إيدي.
نزلت نقطة ميه على الورق… لأ، دي مش ميه. كانت نقطة دم!

رفعت عيني، لقيت الباب بيتفتح بهدوء.
كان في ستة منتقبة واقفة، نفس الطول، نفس العيون اللي فيها الكحل الأسود، نفس الصوت الهادئ:
ــ قلتلك ما تمشيش يا عادل…

الأنوار كلها طفت، والدفتر وقع على الأرض.
وفي آخر صفحة… الرقم اللي بعد بيتها مكتوب بخط مش خطي:
“قراءة العدّاد القادم: شقتك.”

الصفحة السابقة 1 2 3 4 5
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى