قصة جـارتي
كانت تجربة كابوسية مرعبة، حيث شهدت مشهدًا مروعًا لا يمكن وصفه بالكلمات. كانت هناك امرأة تشدني وتصرخ، وأنا كنت مرعوبة من مظهرها. كلما حاولت الهروب، وقعت مرة أخرى في قبضتها. عندما استيقظت على صوت الأذان لصلاة الفجر، قمت ودعوت حنين وأديت الصلاة، آملة أن يعود الهدوء إلى داخلي. ثم التفتت إلى هاتفي لأرى إذا كان هناك رسائل وصلتني، لكن لم أجد أي شيء. استغربت عدم اتصال إبتسام بي، وشعرت بخيبة أمل لعدم وجود أي شخص يفتح لها الهاتف. توجهت نحوها بسرعة، ولكن في اللحظة الأخيرة تذكرت كلمة أحمد التي قالها لي بعدم الاقتراب منها. ومع ذلك، لم يكن لدي أي اهتمام بذلك بمجرد أن أعرف السبب. هربت وتجاهلت المكالمة.
ظلت ترن رنًا دون أن تُرد، فاعتقدت أنها قد أغلقت هاتفها وكانت نائمة. نزلت لزيارة حماتي وتحدثنا قليلاً، ثم تناولنا الطعام وجلسنا أمام التلفزيون. سألتني حماتي عن كيفية تعامل أحمد معي، فضحكت وقلت لها إنه بخير ونسأل الله أن يحفظه لنا. ظهر مشهد على الشاشة يصور امرأة ذاهبة لزيارة شيخ، وكانت ابنتها معها، ولكن المظهر الغريب للفتاة أثار انتباهي. قال الشيخ لها إن الفتاة مُسحورة بجنٍ عاشق، وأنه ليس من السهل التخلص منه، وأنه يمكن أن يؤذي من يقترب منها أو يفكر في الزواج منها. نظرت إلى حماتي ووجدتها مركزة جدًا على التلفزيون، فضحكت وسألتها: “هل تعتقدين بهذه الأمور؟” ردت علي بقولها: “طبعًا يا بنيتي، ذكر الجن موجود في القرآن وهو حقيقة في بلادنا. رأيت العديد من الحالات المماثلة.” لم أكن مقتنعة تمامًا بما قالته وقررت الاتصال بأحمد، ولكن لم أتمكن من الوصول إليه. كان هاتفه مغلقًا أيضًا، فأدركت أنه لم يتصل بي منذ الأمس. أصبحت قلقة للغاية بشأن ابتسام وبعد التفكير الطويل، قررت السفر لرؤيتها والعودة مرة أخرى. حاولت حماتي منعي، ولكنني لم أكن مقتنعة. قالت لي: “أحمد سيغضب، فلماذا لا تخبريه؟” أجبتها قائلة: “أحمد غير متاح، ولن أتراجع عن ذلك يومًا بعد اليوم، والله شاهد.” بالفعل، سافرت ووصلت في الساعة العاشرة مساءً. وجدت الجو هادئًا للغاية في العمارة، وعندما فتحت باب الشقة، لاحظت شيئًا مرميًا على الأرض..
فجأة، شعرت حنين برغبة قوية في الاستفراغ. قررت أن أهديها نفسي لكنني لا أعرف السبب الذي جعلني ألمح صورة خيالية تمر أمامي. كما لاحظت رائحة غير مستحبة في الشقة، على الرغم من أننا لم نمضِ سوى يوم واحد فيها.
أكلت حنين ونامت، وبدأت أشعر بعدم الارتياح في جسدها. للمرة الأولى، شعرت بالغربة في شقتي، على الرغم من أنني عاشت فيها لمدة ثلاث سنوات. ما الذي حدث لتجعلها تشعر بهذا القدر من الاضطراب؟ لم أجد إجابة على تلك الأسئلة المحيرة. قررت أن أستيقظ وأفتح عيني، فلم ألتقِ بابتسامة طوال اليوم. غداً، سأستيقظ بلا شك.
نمت مرة أخرى وحلمت بكابوس مزعج، حيث ظلت تحاول الإمساك بي ولم أستطع الهروب منها. استيقظت في حالة ذعر شديد ونظرت إلى الهاتف المحمول بجواري، وجدت أن الساعة تشير إلى الساعة التاسعة صباحًا ولدي خمسين مكالمة من أحمد. صفعت وجهي وقلت في نفسي: “يالهوى، أحمد هنا الآن”.
اتصلت به وانتظرت طويلاً دون أن يرد، فلم يكن متاحًا على الأرجح. قررت أنه ربما كان مشغولًا. ذهبت وغسلت وجهي وأدَّيت الصلاة، وفي حينها، كانت حنين لا تزال نائمة. سمعت جرس الباب يرن، فركضت نحوه ونظرت من النافذة المعزَّزة بالتأمل، فرأيت عينًا مخيفة للغاية. وضعت يدي على صدري ورفضت فتح الباب، ثم رأيت الجرس يرن مرة أخرى. قلت بصوت مرتجف: “من هو على الباب؟”، فقالت إبتسام بابتسامة: “أنا يا ليلى، افتحي الباب”. أستغربت مما يحدث.
للمرة الأولى، رأيت مثل هذا المشهد. كنت أتساءل من تلك العين التي رأيتها. فتحت الباب وأنا قلقة للغاية، كانت لحظة من الصمت الذي امتد ليبدو كأنه عام، إبتسام واقفة أمامي ولا تنطق. قلت بتساؤل: “سوسو حبيبتي، ماذا حدث؟ لقد اشتقت إليك كثيرًا، والله اليوم الذي رحلتِ فيه”. وجدتها جالسة في الصالون في هدوء تام. قمت بإغلاق الباب وتبعتها وجلست بجوارها قائلة: “ما الذي يحزنك عزيزتي؟ هل أنت زعلانة مني مرة أخرى؟”. لاحظت أن عينيها ظلمت وقالت بين أسنانها: “كنتِ أين؟ توجدتُ لك!” تلفتت بخوف وقلت لها: “ما الذي تفعله عينك؟ لماذا تضحكين بدون سبب؟”. قالت لي بابتسامة: “أنا بخير، أجيبي على سؤالي”. قلت لها: “أحمد ياستي، قال لي إنه يجب أن يذهب لرؤية أمه لأنها لا تشعر بالراحة قليلاً. ذهبت ليوم وعدت، نظرت إلي بتأكيد وقامت قائلة: “أحضري لي حنين، أشتقت إليها كثيرًا”. قلت لها: “حسنًا، سأحضرها لك”. وقمت بجلب حنين وجلست ألعب معها بيدي حتى استيقظت، وأعطتها ابنتها. شعرت بالرعب في جسدها عندما رأتها، وابتسمت إبتسامة وقالت لي: “أنا لا أعرف لماذا ابنتك تكرهني؟”. ضحكت بأعلى صوتي وقلت لها: “لا تمزحي، هذه مجرد رضيعة ولا تعرف شيئًا”. سمعت صوت هاتفي يرن، قلت لها: “بإذنك، سأتحقق من الهاتف وأعود”. قالت لي: “من الحين إتخذي قرارك، هل ستطلقينني؟” قلت لها: “يا أحمد، لا أشعر بالراحة إلا في شقتي”. قال لي: “لم تكوني صادقة معي؟ لماذا لم تخبريني؟” قلت له: “لقد اتصلت بك كثيرًا ولم تكن متاحًا”. قال لي: “أخرجي من الشقة حالاً، أنتِ وحنين، سأأخذكما الآن، ولا تذهبي لإبتسام صديقتك”. بشكل طبيعي، قلت له بتلقائية: “عندي موعد خارجًا في الصالون”.