الكاتبه ساره علي الاول

قامت بتثاقُل و رغم إنها أدت فرضها إلا إنها لبست إسدال الصلاة و فرشت سجادتها و صلِت بخشوع و أول ما جبينها لمس الأرض بكت، بكت و ترجت و ناجتُه و هي بتقول:
– خبطت على كُل البيبان! كلهم رزعوا الباب في وشي، بابك الوحيد اللي مش هيتقفل في وشي أبدًا، يارب! إنجدنا يارب ماليش غيرك يارب .. ماليش غيرك!
سلِمت، و نامت على المُصلية بتقرّب رجليها لـ وشها بتحاوطهم كالجنين، و دموعها بتتساقط على جنب وشها و تبلل سجادة الصلاة، و غفت غصب عنها، صحيت اليوم اللي بعدُه على صوت آذان الفجر، دلفت للمرحاض و إتوضت و خرجت صلِت و هي بتدعي بدون ملل، قعدت تقرأ في المُصحف الصغير حجمًا اللي بين إيديها، خلصت خمس أجزاء، و لما الساعة جات تسعة قامت و لبست نفس العباية و لكن لفِت طرحة سودا بـ سواد العباية القاتم، و المرة دي بصت لملامحها و هي حاسة بنفس الشرخ اللي على المراية موجود في قلبها، خرجت من الأوضة و دخلت أوضة جدتها و باست راسها، خرجت و ميلت على الأرض تاخد الورقة اللي مدون فيها عنوان شركته، خرجت و هي بتعِد الفلوس اللي في إيديها و خرّجت منها فلوس علاج جدتها و فلوس الأكل و الشرب، فـ ملقتش غير شوية فكّة يادوب يركبوها مواصلة عاملة لنُص الطريق بس، و بالفعل ركبت أتوبيس عام وصّلها لمكان مش قريب من شركته و مش بعيد، كمِلت باقي الطريق مشي و هي حاسه بكُل العيون حواليها كإنها ماشية عريانة! بتعاني كل يوم من مُعاكسات سخيفة رغم إحتشام لبسها، إلا إن وشها الملائكي و الخالي تمامًا من أي مساحيق تجميل كان السبب في لفت إنتباه الشباب اللي متعودوش على الوش البريء اللي زي وشها، وقفت قُدام مبنى عريق محاوط بالإزاز من كل ناحية، قدامة أشخاص لابسين زي أزرق مع رَجلين لابسين بِدل سودا شبه اللي إقتحموا شقتها إمبارح، قرّبت من واحد من الأمن قالت بتماسُك :
– عايزه أقابل زين باشا لو سمحت!
بصلها من فوق لتحت وقال ساخرًا:
– عايزة تقابلي زين بيه الحريري؟ و إنتِ جاية عايزة إيه بقى يا ترى؟ شِحاتة يعني ولا حاجه تانية شمال؟!
إنكمشت من جُرأة كلامه، و أطبقت على شنطتها و هي بتقول بصوت بيترعش:
– لو سمحت .. بلغُه إني صاحبة شقة فيصل .. و عايزة أقابلُه!
– لاء مدام شقة فيصل تبقى حاجه شمال، ماشي هخلي حد يديله خبر!!
بِعدت عنُه بتحاول تسيطر على الدموع المقهورة اللي إتجمعت في مقلتيها، وقفت على جنب بعيد عن أنظارُه اللي كانت بتاكُلها، و لإن رجليها مكانتش قادرة تشيلها من المسافة الطويلة اللي خدتها مشي، و من التعب النفسي اللي بياكل فيها، فـ قعدت على الرصيف و سندت إيديها على ركبتها و خبت راسها جوا ما بين دراعها، و بد دقايق سمعت صوت جهوري بيصرخ فيها إنتفضت على أثره:
– قومي يا بت من هنا!!! حد قالك إنها جمعية خيرية!!








