الكاتبه ساره علي الاول

قامت يُسر من النوم، غطت جدتها و دخلت تتوضى و تصلي فرضها و بسرعة لبست عبايتها، بصِت من الشباك لقت السواق بتاعه، و عشان من ريحته بصتلُه بقرف، لفِت الطرحة بعشوائية إلا إنها كانت جميلة، راحت لجدتها و ميلت عليها و مسكت إيديها و باستها و همست بحنان:
– يا تيتة! همشي أنا ماشي؟
صحيت جدتها وقالت بألم على صغيرتها:
– مصممة يا بنتي؟
– مش بمزاجي يا تيتة!
قالت بإبتسامة مُتألمة، فـ أومأت لها جدتها و قالت و هي بتربت على كتفها:
– ربنا يوقفلك ولاد الحلال في طريقك يا ضنايا .. و يحميكي و يبعد عنك أي سوء!!
– اللهم آمين!!
قالت بإبتسامة شاحبة، و مشيت على رجليها ناحية الباب، و كانت رجليها متحسنة عن إمبارح كتير!
نزلت على السلم المهترئ، و وصلت للسواق و قالت بخفوت:
– السلام عليكم و رحمة الله! أنا يُسر آآآ!!
إتحرجت تقول الخدامة لإن عمرها ما كانت كدا، فـ إبتسم الراجل الكبير في وشها و رفع الحرج عنها و قال بهدوء:
– إتفصلي يا يُسر هانم إركبي!! معايا أوامر أجيبك و أوديكي سليمة!!!
قالت بضيق:
– بس أنا مش هانم!! أنا يُسر بس .. أنا أد بنتك يا حاج، بتقول لبنتك في البيت يا هانم؟!!
قالت بلُطف:
– خلاص تبقي يُسر بس، إنتِ فعلًا أد بنتي و هتعامل معاكي على الأساس ده!! إركبي يا يُسر!!!
إبتسمت و ركبت يُسر ورا! و بعد ساعة و نص تقريبًا وصلت، دخل الحاج محمد من البوابة و ركن العرببة فـ نزلت، و كان فاكر إنها زي كل الخدم هيلفوا يبصوا على الشقة بدهشة و قليل من الطمع، إلا إنها أصلًا مكانتش واخدة بالها و كانت ماشية بصمت رقبتها لتحت، طلع معاها و خبط هو الباب فـ فتحتله واحدة من الخدم قالها بكل هدوء:
– البنت اللي هشتشتغل معاكوا يا دينا! طلعيها لـ البيه الأول بكوباية القهوة زي ما بيحب!!
بصتلها دينا من فوق لتحت بغيرة، و قالت و هي بتلوك العلكة في فمها:
– إدخلي يا سنيورة، أصل هي المشرحة ناقصة قُتـ,ــ,ـلة!!!
نهرها عم محمد و قال:
– بت يا دينا إتعدلي!!!
بصتله يُسر بإمتنان و متكلمتش، دخلت الڤيلا و إتجهت ناحية المطبخ بإرشادات دينا اللي كانت بتتعامل معاها ببرود، و أول ما دخلت نادت دينا على رئيسة الخدم و قالت:
– يا حاجّة رحاب، الجديدة شرّفت!
نظرت لها رحاب و بدى على مِحياها الطيبة، فـ قالت بهدوء:
– تعالي أقولك!!
راحتلها يُسر على إستحياء، فـ سألتها رحاب:
– إسمك إيه؟
– يُسر!
– إسمك حلو، طيب خدي يا يُسر الشنطة دي فيها الـ uniform بتاعك و إدخلي أوضتك غيّريه، دِليها يا دينا!!
تأففت دينا بضجر و قالت بحدة:
– حاضر يا حاجّة لَجل عيونك بس!!
مشيت يُسر وراها و دخلت الأوضة اللي كانت رغم حجمها الصغير إلا إنها كانت على قدر عالي من الرُقي، سابتها دينا و مشيت فـ قفلت هي الباب و خرّجت اليونيفور، كان عبارة عن بنطلون و فوقية مريلة المطبخ مغطية لحد رُكبتها و جامعة بين اللونين الأبيض و الأزرق، لملمت خصلاتها تاني و أعادت لَف حجابها، كانت هي الوحيدة اللي لابسة حجاب فيهم بعد الحاجّة رحاب
خركت من الأوضة و راحت تباشر شغلها، فـ قالت الحاجّة رخاب بصرامة فور دخولها:
– ميعاد قهوة البيه، بسرعة يا يُسر!
جريت يُسر و قالت:
– حاضر أنا أسفة، طيب فين القهوة و السكر!
شاورتلها واحدة من الخدم داخل ضرفة، فـ خرّجتهم و لمحت كنكة خدتها و قالت بهدوء:
– قهوته إيه؟
– مظبوط!! زيُه كدا!
قالت دينا بحالمية، فـ ضحكت الحاجّة رحاب عليها بينما يُسر ملتها ماية، و طبختها بهدوء، و لما حان ميعاد صبّها صابتها في الفنجان، حطته على صينية غالية و حطت جنبه كوباية مايه باردة، سألت على مكان أوضته فـ قالت رحاب:
– جناح مش أوضة يا يُسر، و هتطلعي السلم هتفضلي ماشية لحد م يقابلك آخر جناح!
أومأت يُسر بهدوء و طلعت على السلم، و كل خطوة بتخطيها كانت بتفكّرها بـ أد إيه هو أذى نفسيتها، فضلت ماشية و هي سرحانة لحد م لقت آخر جناح، خبّطت عليه، و أول ما سمعت صوته الجهوري بيسمحلها بالدخول قلبها وقع تحت رجليها، و بإيد بتترعش لوت مقبض الباب و دخلت، لقِت الصالة في وشها و أول حاجه عينيها وقعت عليها كان جسمه العريض و هو واقف صدرُه عريان لابس بنطلون إسود و قميص إسود مفتوح، و في إيده سجاره، إتفاجأ إنه شافها، مكنش متوقع إنها تيجي، كان بيتمنى لو مكانتش جات، مجيها أكد ظنون في قلبه إنها بتجري ورا الفلوس و بس، و رغم الذل و الكلام اللي سمعته منه إمبارح جات تخدمه النهاردة، إلتوى نصف ثغره بإبتسامة ساخرة، و قال بإستنكار:
– شرّفتي!
إتغاضت عن لهجة السخرية، و حطت الصينية على الطرابيزة و قالت بهدوء:
– قهوة حضرتك .. تؤمر بأي حاجه تانية؟
– تعالي إقفليلي القميص!!
قال ساخرًا و هو بيفرد دراعُه على الجنبين، فـ بصتله بصدمة، و الغضب إتملك منها، و قرّبت منه ف رفع أحد حاجبيه و هو فاكرها هتلبي طلبه، بس فاجأته لما قالت بحزم:
– أنا خدامة يا بيه! مش واحدة شاقطها من الشارع!!
نزل إيدُه و إتحولت ملامحه لغضب جامح، بس سِكت و هو شايفها بتمشي وبتديله ضهرها، فـ عشان يدايقها قال بخبث:
– إبعتيلي دينا!!!
مردتش عليه و كملت طريقها ومشيت، حاولت تكتم دموعها من إهاناته المِستمرة ليها، و نزلت و هي شايفة السلم بالعافية لدرجة إنها كانت بتتعثر، و أول ما وصلت للمطبخ قالت لدينا ببرود و هي بتغسل المواعين:
– زين بيه عايزك فوق!
شهقت دينا بفرحة لإن دي من المرات النادرة اللي بيطلبها فيها، حصلت قبل كدا و راحتلُه دلكتلُه كتفه و ضهره و حصل بينهم تجاوزات كتير و من ساعتها و هي مش قادرة تنسى اليوم ده و نِفسها يتكرر، ظبطت هدومها و طلعت فورًا، فـ تمتمت رحاب بأسف:
– ربنا يهديكي يا دينا، و يهدي البيه اللي فوق!
إبتسمت يُسر بسُخرية مريرة و قالت:
– ده شيطان يا حاجّة رحاب، ربنا ممكن يهدي شياطين؟
قالت رحاب بحُزن:
– لاء يا يُسر متقوليش كدا يا بنتي، الراجل اللي إنتِ شايفاه بالقسوة و الجحود دول شاف في طفولته الأمّر من كدا، فـ بقى بالمنظر اللي إنتِ شايفاه ده!
بصتلها بعدم فهم و قالت:
– حضرتك معاهم من زمان؟
– من زمان أوي يا يُسر، كنت أدك كدا و هو كان لسة عنده عشر سنين، ربنا يهديه، و ييسرله أمره و يبعد عنه ولاد الحرام ويحنن قلب أمه عليه اللي لا بتحس بيه ولا بتهتم لأمره!!
مقدرتش تقول آمين، القسوة اللي زرعها جواها خلت لسانها مشلول عن الحركة لو حاجه تخصُه بالخير هيقولها، خلّصت المواعين و إبتدت تعمل في الأكل! و إتفاجأت بـ دينا جايالهُم و هي متوترة و الحزن باين على وشها، رحاب قالتلها بحدة:
– بسطتي البيه يا دينا!!!! هو ده مقامك!!!
رمت الكلمتين في وشها بقسوة، فـ بصتلها دينا و قالت بضيق:
– و النبي يا حاجّة رحاب أنا ما ناقصة!!! إلا ما لمسني حتى! و أنا اللي فولت آآآ!!
– إخــرســي يــا ديـنـا!!! شـوفـي شـغـلـك و قـذارتـك مش لازم تنشُريهالنا!!!
يُسر كانت بتحضّر الأكل، و دينا واقفة جنبها و الغيظ بياكل فيها، إفتكرت إن زين عمل حاجه معاها فـ عشان كدا مقبلش بدينا اللي جمالها متواضع لو قورن بجمال يُسر، و الغيظ كلها فـ لما لفت يُسر تغسل المواعين لحد م الأكل يستوي، حطت دينا في الرُز كمية ملح رهيبة، و محدش خد باله لإن رحاب كانت بتشرف على الخدم اللي بيجهزوا السُفرة، و بالفعل كإن مافيش حاجه حصل و كملت دينا عمايل الأكل، و بعد دقايق رصوا الأطباق، قعد هو فـ الحاجّة رحاب سألته بهدوء:
– والدتك جاية من السفر النهاردة ولا بكرة يا زين باشا؟
قال زين ببرود:
– مكلمتهاش!!
و شرع في الأكل، و دينا و يُسر في المطبخ بيتغدوا مع باقي الخدم، يُسر إتصدمت لما سمعت صوت زعيقه و إتخضت فـ طلعوا كلهم يجروا برا، بصت لطبق الرُز المرمي في الأرض و حباته متناثرة، و صوته العالي و هو بيقول:
– الغبية اللي جاية جديد ناوية توديني المـسـتـشـفـى!!!!
إتقدمت يُسر و قالت بصدمة:
– إيه اللي حصل!!!
– تـعـالـي دوقي الرز و إنتِ تعرفي اللي حصل!!!
راحت يُسر و رحاب يشوفوا الرز ماله و أول ما يُسر حطته في بُقها مسكت منديل بسرعة و تفتُه، بينما رحاب إتصدمت و بصت لـ يُسر بلوم، حاولت تدافع عن نفسها و هي بتقول:
– بس أنا ظابطة الملح بتاعه جدًا و الله العظيم، والله مكنش مملح كدا!!
دينا إبتسمت بخبث، و بصلها زين للحظات و هو متأكد إنها صادقة، الدموع اللي إترعشت في عينيها، و تشوش كلماتها خلاه يتأكد إنها صادقة، إلا إن فُرصته جات يينتقم منها أكتر و يذلها أكتر، فـ إبتسم بخبث و قال:
– عقابًا ليكي .. هتقعدي قدامي و تاكلي الطبق ده!!!!








