غرامٌ أعمى

إستمرّ الوضع على هذا النحو لسنتَين، وكنتُ قد حصلتُ على شهادتي الجامعيّة وبدأتُ بالعمل في شركة والدي. وكان قد حان الوقت أيضًا لأتزوّج مِن خطيبتي، وحين قلتُ لفاديا إنّني سأبوحُ لأبي بالحقيقة صرخَت بي:

ـ هل أنتَ مجنون؟!؟ عندها سيحرمُكَ مِن المال والميراث! بل تزوَّج مِن تلك الصبيّة وأفعَل ما يُطلَب منكَ. لا تخَف، سأظلُّ معكَ وسأظلُ أحبُّكَ.

لَم أستوعِب كيف لحبيبتي أن تقبَل بأن أكون زوج امرأة أخرى، إلا أنّها أقنعَتني بأنّها الطريقة الوحيدة لنكون سويًّا، فبرأيها إغضاب أبي سيخربُ علينا حبّنا ويُفرّقُ بيننا إلى الأبد. لَم أرَ الفخّ الذي كان يُحاكُ لي، فكنتُ شابًّا مغرومًا بفتاة مُصرّة على الاستفادة منّي قدر المُستطاع.

تزوّجتُ مِن الصبيّة الأخرى وبدأتُ ألعَب دور الزوج الوفيّ والسعيد، بينما كنتُ أُلتقي بفاديا سرًّا في بيت أهلها ونقضي وقتنا في غرفتها نعيشُ حبّنا مِن دون أن يُزعجنا أحَد. رُزِقتُ بابن والكلّ فرِحَ لي، فنصحَتني عشيقتي بأن أضغط على أبي ليُخصّصَ حفيده بمبلغ شهريّ كعربون حبّ. وطبعًا كنتُ أُعطي ذلك المال لها، عالمًا تمام العلم أنّ ابني ليس بحاجة إلى أيّ مال ما دمتُ أعمَل لدى والدي الذي سأرِثُه عند مماته.

على مرّ السنوات تغيّرَت طبعًا أحوال ذوي فاديا مِن حيث المسكن وكلّ سبُل العَيش، فانتقلوا جميعًا إلى حَيّ جميل واقتنوا السيّارات والملابس الفاخرة، بينما كنتُ أقومُ بواجباتي تجاه عائلتي الصغيرة. لكنّني كنتُ أُريدُ أن أكونَ مع حبيبتي بشكل دائم، وبقيتُ أقولُ لها إنّني أنوي ترك زوجتي لأتزوّجها هي. إلا أنّها كانت ترفضُ وتُهددني بتركي نهائيًّا، الأمر الذي أخافَني إلى أقصى درجة. لحسن حظّها لَم تعرِف زوجتي بشيء على الأطلاق، لأنّني كنتُ حذرًا بخيانتي لها إلى أقصى حدّ، ليس فقط خوفًا مِن أبي لكن أيضًا كَي لا أجرحَ مشاعرها فهي كانت إنسانة رائعة حقًّا. لكن حبّها وتفانيها لي لَم يؤثِّرا بي لِدرجة التوقّف عن حبّ فاديا، للأسف.

الصفحة السابقة 1 2 3 4الصفحة التالية
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى