رواية الثلاثة يحبونها كاملة بقلم شاهنده سمير

…تأمل شروق الماثلة أمامه..تلك الفتاة الجميلة والتى تزوجها لأنها تشبه رحمة فى شقاوتها وطيبتها القديمتين..تشبه حبيبته التى لم تعد حبيبته..نسخة منها تختلف فقط فى الملامح..أو ربما تزوجها لأنها على نقيض زوجته بشرى المتعالية ..خالية المشاعر..والتى يملأ قلبها حقد تجاه الجميع..حقد اكتشفه بعد زواجها منه ..شعر بأنه تسرع فى ذلك الزواج ولكنه لم يستطع أن ينفصل عنها..فهي إبنة عمه اليتيمة والتى لا أحد لها سواه..ليكمل معها حياة بائسة لا يهونها سوى لحظاته مع شروق..رآها تتجه نحوه ..تمسك كوب العصير من على الطاولة وتناوله إياه قائلة

طيب..إشرب عصير المانجة قبل ما تنزل ..إنت بتحبه وأنا عاملاهولك مخصوص.
إبتسم وهو يأخذ الكوب منها يرتشف منه بينما أخذت هي كوبها وإرتشفت منه بدورها..نظر إلى تلك القطرة من العصير والتى إستقرت على الكرزيتين لتغيم عينيه وهو يتطلع إليها..مد يده ومسحها بنعومة وهو برغبة جعلتها تتمسح بيده كقطة صغيرة ليميل آخذا خطفت أنفاسها..لتقع أكواب العصير من أيديهما ولكن أحد منهم لم يهتم ..ليحملها مراد بين يديه دون ان .. يتأمل عيونها الخضراء الناعسة والتى تدعوه بكل نعومة للعودة إليها..ليرتوى من فيض عشقها…….حد الإرتواء.
أمسكت بشرى هاتفها لتتصل برقم ما وما إن رد عليها محدثها حتى قالت بعصبية
إنت فين..بقالى ساعة بكلمك وتليفونك خارج التغطية
إستمعت إلى محدثها لتقول بعدها
طيب إستنانى فى الشقة أنا جاية حالا.
لتغلق الهاتف وهي تتجه إلى دولابها تختار منه فستانا كي ترتديه للخروج.. تفرغ مشاعرها الغاضبة قبل ان ټنفجر غيظا لتعود لتلك الفتاة بخطة جديدة تخرجها من حياتهم للأبد..نعم …للأبد.
كاد مراد أن يقود سيارته متجها إلى المنزل عندما إستمع إلى رنين هاتفه ليمسك الهاتف ويرى رقم أخيه..وضع السماعة فى أذنه وهو يجيب قائلا
آلو.
أجابه يحيي قائلا بإختصار
رحمة جت.
أخذ مراد نفسا عميقا وهو يقود السيارة قائلا
عارف.
عقد يحيي حاجبيه قائلا
وعرفت منين
قال مراد 
كلمتنى الصبح قبل ما تركب الطيارة.
شعر يحيي بغيرة حاړقة تكوي شرايينه وهو يدرك أنها تحادث أخاه الذى يدرك أيضا مشاعره تجاهها..ليقول بهدوء لا يشعر به البتة
تمام..إنت فين دلوقتى
قال مراد
أنا فى الطريق.
قال يحيي بجمود
طيب ..مستنيك.
ثم أغلق الهاتف ليزيد مراد من سرعته متجها إلى المنزل وقلبه يرتجف قلقا ..يشعر من لهجة يحيي..إلى جانب قلبه الذى ازدادت دقاته وهو يشعر بقرب لقاءه بها مجددا ..أن حياتهم جميعا على وشك التغير…. تماما.
الفصل الثالث
دلفت رحمة إلى تلك الحجرة التى ما تخيلت يوما أن تدخلها إلا كزوجة ليحيي ..لتدلف إليها اليوم كغريبة تماما..لا تمت إليه بصلة ولا حتى صلة القرابة التى جمعتهما منذ البداية..فلم يعد يعدها كإبنة عمه ولم تعد تعتبره كذلك أيضا..
ما إن وقعت عيناها على وجه أختها الشاحب حتى أسرعت إليها تجلس بجوارها على السرير ثم تضمها بشوق دون أن تنطق بكلمة..لتضمها راوية بدورها

تنعم بدفئها الذى حرمت منه لسنوات..هذا الدفئ الذى لطالما أحاطتها به رحمة ..وجعلتها تشعر بأنها هي الأخت الصغرى والتى تحتاج إلى الرعاية والحنان وليس العكس..
لقد عادت رحمة وعاد معها هذا الشعور الذى جلب الدموع إلى عينينها على الفور إشتياقا ..لترتعش بين أحضان أختها الصغرى التى أحست بدموعها لتبتعد عنها تضم وجه راوية بين يديها قائلة فى جزع
ۏجعتك
رفعت راوية يديها تربت على يدي رحمة الرابضتين على وجنتيها قائلة بإبتسامة حزينة
وجعى كان فى بعدك عنى يارحمة.. ودلوقتى وجعى راح لما شفتك من تانى.
أدمعت عينا رحمة وهي تتأمل ملامح أختها الشاحبة التى غيرها المړض كثيرا فبدت أكبر من سنوات عمرها الثلاثين..لتقول بصوت متهدج من المشاعر
أنا كمان يا راوية كنت حاسة بروحى ضايعة منى ولقيتها بس فى حضنك.
قالت راوية بلهفة
بجد يارحمة ..يعنى مش زعلانة منى
عقدت رحمة حاجبيها فى حيرة قائلة
وهزعل منك ليه بس ياراوية
قالت راوية بحزن
عشان موقفتش جنبك وقت اللى حصل..لما..لما….
أخفضت رحمة يديها بجوارها وهي تقول
الكلام ده كان من زمان يا رواية..وخلاص مبقتش تفرق كتير..صحيح إنتى أختى وكان لازم تعرفى إنى مش ممكن أعمل كدة.. بس إنتى اكيد إتخدعتى زيهم وأنا خلاص مش زعلانة ..كل واحد بياخد نصيبه..وانا أخدت نصيبى وراضية بيه.
أطرقت راوية برأسها فى حزن قائلة
بس أنا متخدعتش ..أنا كنت عارفة الحقيقة.
إتسعت عينا رحمة دهشة وهي تقول
كنتى عارفة
رفعت راوية وجهها تواجه عينا أختها الحائرتين وهي تقول مدمعة العينان
أيوة كنت عارفة إنك مظلومة وإنك مكنتيش مع هشام ليلتها زي ما حاول يبين لينا كلنا..كنت عارفة إن كل اللى حصل ده كانت تمثيلية عشان يتجوزك ڠصب عنك.
عقدت رحمة حاجبيها قائلة
وعرفتى منين يا راوية 
صمتت راوية ليزداد إنعقاد حاجبي رحمة وهي تقول
طب ليه متكلمتيش ساعتها
نزلت دموع راوية فى تلك اللحظة قائلة فى حزن
هحكيلك يا رحمة ..هحكيلك كل حاجة ..أنا سكت كتير بس خلاص مبقاش ينفع أسكت أكتر من كدة.
لتتحدث راوية ومع كلماتها كانت رحمة تذبح مجددا ….من الصدمة.
جلس يحيي فى هذا الركن المظلم من الحجرة ..يحاول ان يهدئ أعصابه ..يشعر أنه على حافة الإنهيار ألما..ما هذا الذى يحدث لهالڠضب منها يشعله والشوق إليها يحرقه ..تبا..ما الذى أقحمها فى حياته مجددا
مرض زوجته ..نعم..لولاه ما رآها قط مجددا..فهذا كان قراره منذ تلك الليلة التى فقد فيها إيمانه بالعشق..وفقد فيها روحه التى غابت بغيابها..فالخېانة ضړبته فى

مقټل ليتمنى لو لم يعشقها يوما..لا يستطيع نسيان هذه الليلة أبدا ..فإلى جانب إكتشافه لخيانتها له فى هذا اليوم..فقد تزوجت فيها أخاه أيضا..ليشعر بكيانه ېتمزق حرفيا ..ورغم إدراكه انها أصبحت لأخاه من قبلها إلا أن رؤيتها وأخاه يعقد عليها ثم يأخذها بعيدا أډمت قلبه ثم أماتت مشاعره للأبد فظن أنه لم يعد يعشقها وأنه بات فقط يكرهها حتى بدأت تغزو أحلامه..توقظ فيه كل المشاعر..وتثير فيه جنون الإشتياق..لتتجسد أمامه منذ لحظات ليدرك أنها تقبع تحت جلده..يسرى عشقها فى شرايينه مسرى الډم..يعلم أنها اخت زوجته..و خائڼة..ومع ذلك يخفق قلبه فقط لمرآها ..وقد زادتها تلك السنوات جمالا وجاذبية وقوة.. لتستيقظ مشاعره الكامنة داخل أعماقه حين لمسها ..وكأن ماضيه معها كأن لم يكن ..وقيوده التى يفرضها حاضره عليهما كأنها سراب ولا وجود لها من الأساس..زفر بقوة وهو ينظر إلى السماء..تصرخ أعماقه پصرخة هزت وجدانهياإلهى ماذا أفعل..
ليفيق من صراعه على دلوف أخيه إلى المكتب وإنارته ضوء الحجرة ليجد يحيي قابعا فى هذا الركن البعيد تبدو ملامحه المكفهرة دليلا واضحا على مقابلته لرحمة..ليقترب منه بقلق قائلا فى تقرير
ضايقتك..صح.
هز يحيي رأسه نفيا قائلا بهدوء
ملحقتش..وبتمنى متفضلش كتير عشان تحاول ..ياريت تشوف أختها وتمشى علطول..مجرد وجودها فى البيت خانقنى.
ظهرت الحيرة على ملامح مراد وهو يتأمل يحيي قبل أن يقول
إنت ليه بتكرهها بالشكل ده يايحيي
قال يحيي بصرامة
يعنى مش عارف يامراد ليه بكرهها 
جلس مراد على الكرسي المجاور ليحيي قائلا
لأ مش عارف..صحيح هي غلطت زمان غلطة كبيرة فى حق نفسها وفى حقنا.. وصحيح إن إحنا شاكين إن ممكن تكون السبب فى مۏت أخونا لإنها كانت معاه وقت الحاډثة .. وصاحبه صلاح قال إنهم إتخانقوا مع بعض فى الحفلة قبل ما تركب العربية معاه عشان يروحوا..بس برده إحنا مش متأكدين من الكلام ده..غير إن علاقتكم ببعض كانت حلوة أوى قبل جوازها من هشام ..إنت كنت أقرب واحد ليها ..وكان واضح للكل إنها بتعتبرك زي أخوها .
إبتسم يحيي بسخرية مريرة يردد كلمات أخيه داخل نفسه بمرارة..تعتبره مثل أخاها..كم كان مراد ساذجا..لايدرى أنها كانت توهمه بأنه عشقها الأول..وهو صدقها لأنها كانت بدورها عشقه الأول والأخير..وأنه فى ليلة إكتشافهم لها مع أخيه هشام فى حجرة نومه..كان قد وعدها قبلها مباشرة بأنه سيخبر جده فى اليوم التالى برغبته فى الزواج منها وتحقيق حلم لطالما تمنى ان يناله.. ولكن ماحدث ليلتها دمر كل ما حلم به طوال عمره..لتتزوج أخاه ويرحلا بعيدا عن المنزل ثم يوافق هو على الزواج من أختها عندما عرض

عليه الجد ذلك الأمر.. ربما نكاية بها..أو هو فقدان الأمل فى أن يقع مجددا بالحب..او ربما هو فقدانه الإيمان بالحب ذاته..حقا كم تظلمنا الحياة وتسخر منا..تحركنا كالدمى فى يديها ولا نستطيع أن نفعل شيئا سوى

ان نخضع لها..ونسايرها.
افاق من أفكاره على صوت أخيه يقول فى حيرة 
يحيي..روحت فين
زفر يحيي وهو يستند برأسه إلى الكرسي خلفه يغمض عينيه قائلا
روحت لنفس المكان بس فى زمن غير الزمن ..زمن كنت فيه واحد تانى مبقتش دلوقتى عارفه ولا قادر أميزه جوايا.
ليفتح عينيه ويعتدل قائلا فى حزم
المهم دلوقتى..أنا عايزك تفهم بشرى متعملش مشاكل معاها وتعدى اليومين اللى رحمة قاعدة فيهم هنا على خير..مفهوم يامراد..أنا فية اللى مكفينى ومش ناقص جنانها .
ربت مراد على ساق اخيه مطمئنا وقد رأى حقا ذلك الإرهاق البادي على أخيه قائلا
متقلقش يا يحيي أنا هنبه عليها بنفسى وأوعدك متعملش مشاكل..وزي ما إنت قلت هما يومين وهتمشى..بس هي راحت فين
عقد يحيي حاجبيه قائلا
تقصد مين
قال مراد
بشرى ..رجعت البيت ملقيتهاش.
قال يحيي بنظرة ذات مغزى 
وإنت بتسألنى أنا عن مراتك يامراد
شعر مراد بالتأنيب المختفى داخل طيات كلمات أخيه ليقول بإرتباك
أصل هي كلمتنى والفون كان مقفول..ولما فتحته وكلمتها ..تليفونها كان خارج التغطية فقلت يمكن قالتلك حاجة.
قال يحيي بملامح جامدة
لأ مقالتليش ..ومشوفتهاش النهاردة خالص..إنت عارف إنى كنت مشغول برجوع رحمة.
أومأ مراد برأسه متفهما وهو يقول
ورحمة فين دلوقت
تنهد يحيي قائلا
عند راوية.
قال مراد
بقالها كتير
قال يحيي
تقريبا ساعة.
اومأ مراد برأسه ثم نهض قائلا
شكلهم هيطولوا..طيب ..أنا هروح أوضتى آخد شاور وأرجعلكم تانى.
أومأ يحيي برأسه ..ليذهب مراد بإتجاه الباب ليتوقف عند سماع أخيه يقول بحزم
ياريت يامراد تخف من سهرك برة شوية وتاخد بالك من مراتك وبيتك.
إلتفت إليه مراد ينظر إلى ملامح أخيه الجامدة ليدرك أنه يلمح إلى شئ ما..كاد أن يستوضح عن مقصده بذلك التنبيه ولكنه الآن مرهق ..ويحتاج لأخذ حماما سريعا يزيل به كل ماعلق بأفكاره المتعبة أكثر من جسده المنهك..وليؤجل هذا الحديث إلى وقت لاحق..ليغادر يتابعه يحيي بعينيه يقول بصوت خاڤت
لولا عارف طبيعة بشرى..مكنتش عذرتك أبدا فى اللى بتعمله يامراد.
ليتنهد فى حزن ثم يشرد مجددا فى عڈابه الخاص..يتألم كالعادة …..وحده تماما.
نهضت رحمة قائلة پصدمة
إنتى إزاي تعملى كدة..إزاي هنت عليكى بالشكل ده ياراويةده أنا أختك من لحمك ومن دمك.
إنهمرت دموع راوية على وجنتيها وهي تقول بإنهيار
مش عارفة يا رحمة إزاي طاوعتهم وعملت اللى عملته ..يمكن عشان حسيت بحبه ليكى ويمكن عشان كنت أنانية وفضلت مشاعرى على مشاعرك ..أو يمكن عشان شيطانى قاللى إن ده حل كويس لينا كلنا..مش عارفة..صدقينى مش عارفة.. بس كل اللى شايفاه دلوقتى هو إحساسى من يومها ..كنت عارفة إنى غلط وإنى أذنبت فى حقك ..والإحساس بالذنب مكنش بينيمنى..كنت متأكدة إنى مچرمة وأستاهل العقاپ ..بس العقاپ قاسى أوى يارحمة..مرض بياكل فى جسمى وبيموتنى بالبطئ..بيبعدنى عن كل اللى إتمنيته وعملت عشانه كل ده..أنا آسفة يارحمة ..وعارفة إن أسفى مش كفاية بس كان نفسى أعترفلك وأطلب منك السماح ..أنا خلاص مبقاش أدامى كتير وخاېفة أموت وأنا
شايلة ذنبك جوايا.
شعرت رحمة بالشفقة على أختها وإنفطر قلبها وهي تشعر بأن كل ماحدث لها يهون أمام ذلك المۏت الذى ېهدد أختها المسكينة ويحرمها من زوج ضحت من أجله بأقرب الناس إليها و طفل لن تعيش لتراه يكبر أمامها يوما بعد يوم..لتسرع بنفض مشاعرها الغاضبة بعيدا..وإحلال السماح فى قلبها محل الڠضب..لتجلس مجددا فى السرير آخذة أختها فى حضنها لتفرغ راوية دموعها على صدر رحمة..تشعر بالخزي من أختها صاحبة القلب الطيب والتى سامحتها رغم ذنبها الكبير..لتقول پألم
أنا آسفة يارحمة…والله آسفة وندمانة.. ندمانة بجد عن كل اللى عملته زمان ..ربنا يسامحهم بقى..هما اللى فضلوا يزنوا على دماغى..والزن على الودان أمر من السحر.
ربتت رحمة على شعرها قائلة بحنان
خلاص ياراوية إهدى وإنسى كل اللى حصل ..متتعبيش نفسك..اللى فات ماټ وإحنا ولاد النهاردة.
قالت راوية بحزن من وسط دموعها
إزاي بس أنسى إنك إتعذبتى السنين اللى فاتت دى كلها من تحت راسى..إزاي بس أنسى إنى فرقت بينك وبينه عشان يكون لية أنا..عشان أنانية وفكرت فى نفسى وبس
قالت رحمة بحزن وعيونها تترقرق بالدموع
الذنب مش ذنبك لوحدك ..هما مشتركين معاكى فى اللى حصل..هم الأبالسة الحقيقيين ..اللى فضلوا وراكى لغاية ما سلمتينى ليهم ..وهو كمان مذنب زيهم..صدقهم ..صدق إنى خنته وخنت وعودنا..صدق إنى كنت بغشه وبخونه مع أخوه..صدق إنى وحشة زي أمى ووقف يتفرج علية وأنا بتجوز هشام ياراوية.
خرجت راوية من محيط ذراعيها قائلة
لأ يارحمة متظلميهوش..التمثيلية كانت محبوكة أوى ..وأي واحد غيره لو شاف اللى إحنا شفناه كان هيصدق..وهيتصدم فى حبيبته زي ما هو إتصدم..بس أنا لوحدى اللى عارفة أد إيه هو إتعذب من اللى حصل ..وأد إيه إتعذب فى بعدك.
زفرت رحمة قائلة
مبقاش يفيد الكلام ده دلوقتى ياراوية..كل واحد فينا خد نصيبه..حكايتنا إنتهت من زمان ومبقاش ينفع الندم ع اللى راح..ولا ينفع كمان نعيد اللى فات.
قالت راوية

بسرعة
لأ ينفع..ينفع يارحمة ..انا عايزاكى بس تسامحينى ياحبيبتى ..لأنى غلط فى حقك بس..وانا الله هعوضك عن غلطى ده وهرجع كل حاجة لأصلها.
عقدت رحمة حاجبيها وهي تقول بحيرة
قصدك إيه ياراوية
قالت راوية بأمل
قصدى تتجوزى يحيي يارحمة
نهضت رحمة تقول پصدمة
إنتى بتقولى إيهإنتى اكيد إتجننتى..أتجوزه إزاي وهو جوزك
قالت راوية بحزن
أنا خلاص يارحمة..أوانى قرب ويحيي بعد شوية هيرجع حر ..وساعتها تتجوزيه وكل حاجة تتصلح.
تمزق قلب رحمة من كلمات أختها اليائسة لتعود وتجلس إلى جوارها تمسك يدها قائلة
متقوليش كدة..دى مجرد أزمة فى حياتك…إنتى كويسة ..وهتقاومى مرضك وهتبقى بخير عشان خاطر جوزك وإبنك هاشم..وأنا هفضل جنبك لغاية ماتعدى الأزمة دى.
اغروقت عينا راوية بالدموع وهي تقول بنبرات متهدجة
متضحكيش على نفسك..إنتى عارفة كويس إنى بمۏت وإن كلها أيام وأروح عند اللى خالقنى ..أنا مش خاېفة من المۏت..بس عايزة أروح لربنا وإنتى مسامحانى..عايزة أروحله وأنا مطمنة عليكى وعلى يحيي وهاشم..عايزة أكون متأكدة إنى
صلحت غلطتى وإن يحيي وإبنى فى حضنك إنتى وبس يارحمة.
قالت رحمة بعيون أغروقت بالدموع
مش هينفع ياراوية..والله ما هينفع..قلتلك أنا ويحيي إنتهينا من زمان..ومش هينفع نرجع تانى لبعض.
قالت راوية فى تصميم
لأ ..هينفع..دى وصيتى الأخيرة ليكى وليه.
إتسعت عينا رحمة قائلة
إنتى قلتى ليحيي الكلام اللى انتى قلتهولى ده
هزت راوية رأسها نفيا قائلة
لأ مقلتلوش..بس كنت مستنياكى ترجعى وتوافقى عشان أقوله.
نهضت رحمة قائلة فى حزم
إوعى تقوليله اي كلمة من اللى إنتى قولتيهالى دلوقتى..لإنى مستحيل هوافق..سامعانى
قالت راوية بخيبة أمل
يبقى هتضطرينى أقوله عن اللى عملته زمان يا رحمة.
إتسعت عينا رحمة قائلة
إنتى إتجننتى ياراوية..هيكرهك وهيمحيكى من حياة إبنه..مش هيجيب سيرتك حتى أدامه ..إنتى متعرفيش يحيي ولا نسيتيه
قالت راوية بسخرية مريرة 
أنساه إزاي وأنا عايشة معاه السنين اللى فاتت دى كلهاإذا كان إنتى واللى كانت روحه فيكى ..محى إسمك من حياتنا كلها السنين اللى فاتت دى بسبب اللى حصل.. ولولا انه عارف إنى بمۏت مكنش رجعك هنا من تانى..أمال أنا هيعمل فية إيه ..بس لو مقبلتيش فأنا مضطرة أحكيله.
قالت رحمة بقلب تمزق من كلماتها
ياراوية إفهمينى بس..اللى إنتى طالباه منى فوق طاقتى..مش هقدر أعمله.
قالت راوية فى تعب
بصى يارحمة.. ياتوعدينى إنك تتجوزى يحيي بعد ما أموت وتكونى أم لهاشم إبنى وتحافظى على سرى عشان خاطره..وعشان أفضل جوة حياته ويحيي ميمحنيش منها ..يا هقوم بنفسى دلوقتى أكشف السر ده ليحيي ويحصل اللى يحصل.
قالت رحمة فى ألم
إنتى بتطلبى منى المستحيل ..إزاي بس أوعدك بوعد زي ده
قالت راوية بحزم وهي تنهض من سريرها
يبقى إنتى مخلتيش أدامى حل تانى..وإفتكرى يارحمة إن إنتى اللى إخترتى.
لتبتعد بإتجاه الباب بضعف..تتابعها رحمة المتمزقة حيرة وألما ولكن ما لبثت ان إتسعت عينيها پصدمة حين سقطت راوية فجأة أرضا أمامها لتصرخ رحمة بإسمها فى لوعة.
الفصل الرابع
إنتفض يحيي على صوت صړاخ رحمة بإسم راوية لينخلع قلبه من صدره وهو يسرع إلى جناحه.. يشعر بوجود خطب كبير بينما كان مراد بدوره فى حجرته يرتدى ملابسه ويستعد للنزول حين إستمع إلى صرخاتها الآتية من جناح أخيه ليسرع فى إرتدائه بنطاله ثم يخرج مسرعا ..متجها الى هناك ينتابه القلق الشديد..
كان يحيي هو أول من دلف إلى الحجرة ليجد راوية أمامه مسجاة على الأرض بينما رحمة بجوارها ترفع رأسها بين يديها ټحتضنها وتبكى بحړقة.. لينفض جزعه جانبا وهو يتجه إلى راوية شاحبة الوجه..يأخذها من بين يدي رحمة ويحملها ممددا إياها على السرير ليمد يده يتفحص نبض وريدها وسط حالة من الصدمة سيطرت على رحمة وجعلتها عاجزة عن النطق بحرف ..تتابع ما يفعله بذهول جزع تخشى ان تكون أختها قد فارقت الحياة..بينما دلف مراد فى تلك اللحظة لينظر إلى هذا المشهد متوجسا بدوره..توقف بجوار رحمة القابعة أرضا لينحنى ويمد يديه ..يمسكها من يدها لتنظر إلى يده ثم

ترفع عينيها إليه وهي مازالت فى حالة من الصدمة وينظر هو إلى ملامحها الشاحبة وذهولها فى شفقة.. ليغمض عينيه ثم يفتحهما مطمئنا إياها ..لتفيق هي من تلك الحالة و تتمسك بيده لتنهض ببطئ وتقف إلى جواره.. ثم تترك يده بينما تنزل دموعها وهي تتضرع إلى الله من كل قلبها أن تكون أختها بخير.
رغما عنه أحس مراد بقلبه يدق لها ..يشفق على أحزانها ..يود لو يضمها إلى صدره الآن ويطمئنها على أختها..ولكنه قبض على يديه بقوة كي لا يفعل.. بينما كانت رحمة تنظر إلى يحيي الذى أمسك بزجاجة عطر ونثر على يده بضع قطرات منها ثم قربها من أنف راوية.. لتبدأ راوية فى إظهار بعض ملامح الحياة على وجهها ..وهي تعقد حاجبيها پألم ثم تفتح عينيها ببطئ..زفر يحيي بإرتياح ثم لاحظ تلك الدموع العالقة برموشها ليدرك ماحدث بينهما فى غيابه..لابد وأن رحمة أحزنت راوية لسبب ما..وتلك الدموع دليلا على ذلك..ليلتفت إلى رحمة پغضب ويتجه إليها بخطوات سريعة..تبدو على ملامحه كل إمارات الشړ..لتشعر رحمة لأول مرة بالخۏف منه وتلجأ إلى صدر مراد الذى شعر بالإرتباك للحظات قبل أن يمد ذراعه

الصفحة السابقة 1 2 3 4 5 6 7الصفحة التالية
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى