حمايا

وفي أحد الأيام، بينما كانت تنظف المطبخ، دخل والد زوجها فجأة وقال: “مني، أنا عارف إنك مش لوحدك في البيت، بس لو احتجتي لأي حاجة، ما تتردديش. مش لازم تقولي لحد.” كانت كلمات بسيطة، لكنها كانت تحمل شيء آخر لم تستطع تحديده. نظرت إليه بحذر، ثم ابتسمت وقالت: “شكراً، حضرتك دايمًا معايا.”
في تلك اللحظة، كانت القلق يراودها، لكن لم ترد أن تظهر أي شيء. كانت تعلم أن الأمر قد يكون مجرد وهم، لكن شيئًا في قلبها كان يقول لها إنه لا يمكن تجاهل هذا الشعور. كلما زاد الوقت، زاد شعورها بتلك النظرات والاهتمام الذي لم يكن موجودًا قبل الحمل.
مرت الأيام، وبدأت مني تشعر أن العائلة كلها تراقبها. كان زوجها يظل في الكويت، ولكن والد زوجها كان يظهر في كل تفاصيل حياتها، يراقبها عن كثب في كل خطوة. بدأ يمد يده للمساعدة في أمور لم يكن يتدخل فيها من قبل. فكرته كانت واضحة: كان يحاول أن يكون بجانبها أكثر، بل كان يظهر اهتمامًا خاصًا لم يكن يلاحظه أحد غيرها.
وفي أحد الأيام، أثناء حديث عادي، بينما كان والد زوجها يعبر عن حبه للأحفاد الذين لم يولدوا بعد، قال لها بنبرة خفيفة: “مني، في حاجات في الحياة بتغير الإنسان. زي ما الحياة بتجبرنا على المضي قدما، لازم نكون مستعدين للتغيير.”
لم تفهم مني تمامًا ما يقصده، لكن كانت هناك نظرة غريبة في عينيه. نظرة لم تخلُ من شيء غامض. في تلك اللحظة، بدأت تشعر بأن ما يحدث بينهما أصبح أكبر من مجرد علاقة عائلية.
ثم جاء اليوم الذي لا يمكن نسيانه. كان الجو هادئًا، وكان الجميع في المنزل في حالة من الاسترخاء بعد العشاء. وبينما كانت مني تجلس على الأريكة في الصالة، دخل والد زوجها فجأة وأغلق الباب وراءه. نظر إليها للحظة، ثم قال: “مني، عندي حاجة عايز أقولك إياها.”
كانت نبضات قلبها تتسارع، وعقلها يلاحق التساؤلات. لكنها ظلت صامتة، تنتظر ما سيقوله. وقبل أن تفتح فمها للإجابة، تحدث هو بصوت هادئ وقال: “أنا مش عارف إذا كنت هقدر أقولك ده، لكن حاسة إنك ممكن تفهميني.”
لم يكن بإمكانها أن تنطق بكلمة واحدة. بدا أن الوقت قد توقف في تلك اللحظة. كل شيء حولها بدأ يختفي، وكان هناك فقط هي ووالد زوجها في تلك الغرفة الصغيرة.
انتهت تلك اللحظة، ولم تستطع مني الرد. كانت مشاعرها تتضارب، وكان قلبها يخفق بشدة. لكنها كانت تعلم في أعماقها أن هذا المسار قد لا يكون كما تتمنى، وأن العلاقات العائلية في النهاية لا ينبغي أن تتخطى حدودها.
تأثرت مني بما قاله والد زوجها أكثر مما كانت تتوقع. كانت كلمات بسيطة، لكنها حملت بين طياتها معنى عميقًا جعل قلبها ينبض بسرعة أكبر. شعرت بحيرة شديدة، فما الذي يقصده؟ هل هو يعترف بشيء كان مخفيًا طوال هذه الفترة؟ أم أنها فقط تخيلت ذلك في عقلها؟
جلست أمامه، لا تعرف ماذا تقول أو كيف تتصرف. نظر إليها والد زوجها بحذر، وكأنما يقرأ أفكارها. كان هناك شيء في عينيه، نظرة لا تشبه أي نظرة قد رآتها منه من قبل. كان هناك شيء غامض، كان يبدو وكأن الكلمات العادية لم تعد تكفي للتعبير عن مشاعره.
حاولت مني أن تسيطر على نفسها، فتنهدت بعمق وقالت: “حضرتك، يعني إيه الكلام ده؟ أنا مش فاهمة.”