حمايا

مرت الأيام، ومني كانت تحاول المضي قدمًا رغم كل التوترات التي كانت تعيشها. كانت علاقتها بوالد زوجها قد تغيرت، ولم تكن قادرة على تجاهل ما حدث، لكنها كانت تحاول قدر الإمكان أن تستعيد هدوءها. كان كل شيء حولها يشير إلى أنها بحاجة لإعادة ترتيب حياتها واتخاذ القرارات الصحيحة.

في يوم من الأيام، عندما كانت تجلس في الحديقة، دخل زوجها إلى المنزل عائدًا من عمله في الكويت. كانت لحظات شوق وحنين له بعد غياب طويل، لكنها كانت تشعر أيضًا بالتوتر بسبب ما حدث بينها وبين والده. بينما كانت تبتسم في وجهه، كان قلبها مليئًا بالحيرة.

بعد فترة من الحديث العادي، نظر إليها زوجها وقال: “مني، في حاجة تغيرت فيكي. مفيش حاجة غلط، بس مش عارف… في حاجة أنا مش قادر أفهمها.” كان واضحًا أنه لاحظ الفرق في سلوكها، لكنه لم يستطع تحديد السبب.

عندما سمعته يتحدث بهذه الطريقة، شعرت بشيء من الألم في قلبها. كان يعلم أن هناك شيئًا غريبًا، لكنه لم يعرف تفاصيله. كانت تعرف أنه يحبها وأنه يثق بها، ولكنها كانت تشعر أن العلاقة بينهما بحاجة إلى شيء أعمق، شيء يعيد الثقة بينهما ويعالج أي انزعاج يمكن أن يكون حدث في الفترة الأخيرة.

قررت أن تواجهه بالحقيقة. في تلك اللحظة، قالت له: “في حاجة لازم تعرفها. اللي حصل بيني وبين والدك… كان لحظة ضعفت فيها مشاعرنا. وأنا مش عايزة الموضوع يبقى أكبر من كده. أنا مقدرة كل حاجة بيننا، لكن لازم نكون واضحين مع بعض.”

نظرت إليه في عينيه، وكان صمت طويل يعم المكان. ثم ابتسم زوجها وقال: “مني، أنا مش معترض على أي حاجة، بس المهم بالنسبة لي إننا نكون مع بعض، ونعيش حياتنا ببساطة.”

شعرت برغبة في الانفجار، لكنها تمسكت بهدوئها وقالت: “أنا حاسة إننا نقدر نمر بالأوقات الصعبة معًا، ونتجاوز أي شيء. ولازم نرجع لأساسيات علاقتنا.”

ثم نهضت وابتسمت له بحب، وهي تضع يدها على بطنها المنتفخ، حيث كان الطفل المنتظر يقترب أكثر. “حياتنا بدأت تتغير. وفي النهاية، أنا هنا عشانك، وكل اللي عايزاه إني أكون أم جيدة وأمينة عليك وعلى عائلتنا.”

بابتسامة صغيرة ويد واحدة حول خصرها، رد زوجها: “إحنا مع بعض، وكل حاجة حتكون تمام.”

كان هذا بداية جديدة لهما. حياة مليئة بالحب والصراحة، ومع مرور الوقت، تعلمت مني أن العلاقات العائلية يجب أن تحترم حدودها وتبقى ضمن إطارها السليم. فالحياة مليئة بالتحديات، ولكنها تصبح أسهل عندما يتم التعامل مع بعضها بشجاعة وصدق.

أما بالنسبة لوالد زوجها، فظل بعيدًا، يحترم القرار الذي اتخذته مني، رغم أنه كان يعلم في أعماقه أن مشاعره تجاهها قد تغيرت. لكن في النهاية، كان احترامه للعائلة ولحدودها هو الذي جعله يتراجع ويبتعد عن الخطوط التي قد تكون قد دمرت كل شيء.

كانت هذه النهاية، بداية حياة جديدة لمني وزوجها، مليئة بالحب والنضج، بعيدًا عن أي شيء قد يهدد سعادتهما.

الصفحة السابقة 1 2 3 4
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى