حمايا

تردد لحظة، ثم قال بصوت منخفض: “أنا مش عارف إذا كنت قادرة تفهميني، بس… من أول ما جئت للعيش هنا، كنت شايف فيك حاجات مميزة. كنتِ دايمًا محترمة، ومهتمة بكل حاجة، وكنت حريصة على سعادة ابني، على الرغم من إنك جديدة على العيلة… لكن دلوقتي، الأمور تغيرت. أنا بدأت أحس بحاجة مش قادر أشرحها. ما بيننا، يمكن يكون فيه شيء أكبر من مجرد علاقة عائلية.”
أصابتها كلماته كالصاعقة. لم تتوقع أبدًا أن يصرح بهذه الكلمات، لكنها في الوقت نفسه لم تستطع إنكار أن هناك شيئًا غريبًا يربطهما معًا في الآونة الأخيرة. كان يظل قريبًا منها أكثر من أي وقت مضى، وكان يبتسم لها بطريقة تشعرها بشيء مختلف.
“أنا آسفة، لكن مش ممكن…” قالت وهي تشعر بتوتر يملأ جسدها.
لكن والد زوجها لم يرد عليها مباشرة، بل ظل ينظر إليها نظرة مليئة بالأسى وكأنما يعتذر عن تصرفه. ثم همس: “أنا عارف إن ده مش ممكن، وده مش مكانه ولا زمانه. لكن إحساسنا مش دايمًا تحت سيطرتنا. وكل ما أخافه، إنك تحسبي إنني… ما كنتش بني آدم محترم معاكِ.”
صمتت للحظة، تفكر في ما يجب أن تفعله. كان الصمت بينهما ثقيلًا، وكل كلمة كانت تحمل في طياتها نوعًا من التحذير أو ربما اعترافًا. وعينيه التي كانت مليئة بالندم جعلتها تشعر بحيرة كبيرة. كان واضحًا أنه يحاول التراجع عن كلماته، ولكن كان أيضًا واضحًا أنه في أعماقه يشعر بشيء أكبر.
ثم قالت أخيرًا، بصوت منخفض: “أنت على صواب. هذه العائلة لها احترامها عندي، وأنت بصفتي والد زوجي، يجب أن أتعامل معك باحترام أيضًا. ولكن هناك حدود. نحن لا يجب أن نتجاوزها، من فضلك.”
كان قلبها ينبض بسرعة وهي تراقب تعبير وجهه. كانت قد أدركت أن هذا الموقف كان يمكن أن يغير كل شيء، أن أي خطوة غير محسوبة قد تدمّر حياتها وحياة زوجها. كان لا بد لها من وضع حد لهذا الشعور المتزايد قبل أن يتفاقم أكثر.
“أنا آسف، مني. أكيد كنت غريب. اللي حصل ده كان مش مكانه ومش وقته.” قال والد زوجها، وهو ينهض من مكانه بسرعة وكأنما يحاول الهروب من هذه اللحظة التي شعر بأنها أصبحت لا تطاق. “أنا هكون في الأسفل. لو كنتي احتجتي حاجة، ما تتردديش.”
شعرته مني يبتعد عنها، فتنهدت بارتياح، لكنها كانت تشعر بشيء آخر يلوح في قلبها. الحيرة كانت قد بدأت تأخذ مكانها. هل كانت هذه اللحظة مجرد زلة لسان من رجل متقدم في السن؟ أم أن هناك شيء ما كان يختبئ وراء تصرفاته التي لم تعد كما كانت عليه؟
مرت الأيام التالية ببطء، كانت مني تحاول التركيز على حياتها اليومية، على حملها وعلى علاقتها بزوجها. كانت تأمل أن يمر ما حدث دون أن تذكره، ولكن الواقع كان مختلفًا. كان في كل مرة ينظر إليها والد زوجها، شعرت بتلك النظرة التي لا تستطيع تفسيرها. لم تكن تستطيع أن تنكر أن شيئًا ما تغير بينهما، سواء كان ذلك بسبب مشاعر حقيقية أو مجرد تأثير لحظات عابرة.
حتى مع كل تلك الحيرة، لم تستطع مني أن تخرج من دائرة التفكير في ما حدث. وفي كل مرة كانت تجد نفسها تتساءل: “هل كان ذلك مجرد لحظة ضعفت فيها مشاعره؟ أو هل كان هناك شيء أعمق من ذلك؟”
وفي أحد الأيام، بينما كانت تجلس في الحديقة الخاصة بالمنزل، تفاجأت بدخول والد زوجها إليها، يجلس بجانبها بهدوء.
“مني، في حاجات لازم نتكلم فيها.” قالها بصوت جاد. “أنتِ إنسانة محترمة، وأنا لازم أكون صريح معاكِ. بعد اللي حصل، أنا مش عايز أي حاجة تخرب علاقتنا. أنتِ عزيزتي عليَّ، لكن حرام ما يحصل حاجة زي كده بينا. كل واحد منا عنده حياته، وعنده حدوده.”
كانت كلماتها صادقة، واضحة، خالية من أي غموض. لكنها في داخلها كانت تشعر بثقل تلك اللحظات، وبأن حياتها ربما كانت على وشك الدخول في مرحلة جديدة، قد تكون أصعب بكثير من تلك التي اعتادت عليها.