أبنائي باعوني قبل أن يبيعوا بيتي


وفي الليلة التي طردت فيها عدت خلسة إلى البيت.
انتظرت حتى نام أصحابه الجدد. دخلت من الباب الخلفي وتجنبت البلاطة التي تصدر صريرا. رفعت الخزانة بحركة أعرفها جيدا. ثم أزحت اللوح الخشبي ووجدت الصندوق.
ما زال هناك. لم يمسه أحد.
فتحته بيدين مرتجفتين ورأيت الثروة الصغيرة التي تركها زوجي لي. كافيةلأبدأ حياة جديدة. كافية لأثبت أنني لم أكسر.
ابتسمت وسط دموعي.
ظنوا أنهم أنهوني لكنهم لم يعرفوا أنني زوجة رجل حكيم.
خرجت من البيت ليلا والصندوق في حضڼي. لم يكن مالا فقط بل كان حياة
جديدة
استأجرت غرفة صغيرة بجوار السوق. بسيطة فراش نافذة ضيقة موقد قديم. أعددت لنفسي عشاء متواضعا. نظرت في المرآة ولم أجد نفس المرأة التي طردت قبل أيام. وجدت امرأة أقوى.
استخدمت جزءا من المال لسداد ديون قديمة وفتحت حسابا بنكيا باسم جديد. ثم قررت أن أعمل. لم أرد أن أعيش على المال فقط.
فتحت مطبخا صغيرا عند زاوية السوق. كنت أطبخ نفس الأطباق التي أحبها أولادي يوما عدس سلطات خبز طازج.
الناس أحبوا طعامي. قالوا طعمه يذكرنا ببيوتنا.
تحول الركن الصغير إلى مكان يجمع الزبائن ثم إلى مصدر رزق وكرامة.
اللقاء
بعد أسابيع بينما كنت أغلق المطبخ دخل رجل أعرفهجيدا. أدهم.
لم يتعرف إلي في البداية. بدا متعبا

يحمل ورقة بيده. جلس بصمت ثم رفع رأسه فالتقت عينانا.
تجمد.
وضعت أمامه طبقا من العدس وقلت هذا على البيت.
لم أصرخ في وجهه. لم أظهر الصندوق ولا المال. تركت ضميره يتكلم.
غادر وهو ينظر إلي بخجل لم أره منه من قبل.
القوة الحقيقية
لم أبحث عن اڼتقام. لم أفضحهم. عملت بنيت وساعدت جيراني.
أصبحت الحاجة ليلى التي يحبها أهل السوق.
سمعت أن أولادي غرقوا في مشاكل بعد بيع البيت ديون خلافات متاعب. لم أشمت. دعوت لهم فقط.
القوة الحقيقية لم تكن في المال الذي خبأه زوجي بل في أنني وجدت نفسي من جديد.
النهاية التي لم يتوقعها أحد
مرت شهور وأنا في مطبخي الصغير بالسوق. صرت جزءا من حياة الناس هناك الطفل الذي يمر كلصباح ليأخذ رغيفا ساخنا التاجر الذي يطلب عدسا بالليمون قبل أن يبدأ عمله والمرأة التي تأتي لتأكل وتفضفض عن همومها.
كنت أستمع للكل لكن قلبي ظل جريحا من أبنائي.
في إحدى الليالي بعدما أغلقت المطبخ وجلست أمام نافذتي وجدت ظرفا مدسوسا تحت الباب. فتحته فإذا بخط يوسف ابني الصغير

الصفحة السابقة 1 2 3الصفحة التالية
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى