ولا ينتصِر إلا الحب

 ما الذي فعلتُه؟ هل لأنّني سلَّمتُ على إبنة جيراننا؟ هل هذا كافٍ لتحكُمي عليّ بالفسق؟ أنتِ حقًّا مجنونة! لن أتزوّج حتّى لو عنى ذلك قتل نفسي!

ـ أنتِ جبانة كأبيكِ، لن تجرُئي على الانتحار. إن لَم تُرافقيني إلى الصالون، سأرميكِ على الرصيف عارية تمامًا! وتعرفين أنّني قادرة على فعل ذلك! هيّا!

دخَلتُ ورهَف الصالون ورأيتُ الذي كانوا يريدون تزويجي ايّاه. يا إلهي! ما هذا الكمّ مِن القباحة وثقل الدَّم! إضافة إلى ذلك، كان المدعوّ إيهاب أكبَر منّي بعشرين سنة على الأقلّ! أين أنتَ يا سامِر؟!؟

وصَلَ سامِر منزل أهله بعد يومَين مِن تلك الزيارة، ولَم يستطِع أو أخته التواصل معي على الاطلاق. لِذا هو قرَّرَ قرع بابنا والتكلّم مع خالتي بشأن زواجنا بعد أن يتخرّج. إلا أنّ “المُستبِدّة” أقفلَت الباب في وجهه حالما انتهى مِن الكلام. لَمَحتُ وجهه قليلاً لكنّه لَم يرَني للأسف. عادَ المسكين مكسورًا وعلِمتُ أنّني لن أراه بعد ذلك. عندها قبِلتُ أن أتزوّج، فقد يكون إيهاب أفضَل معي مِن خالتي.

علِمَ سامِر وأهله بأمر زواجي مِن نساء الحَيّ، لكنّني لَم أرَهم في فرَحي، فمِن المُستحيل أن تدعوهم رهَف! أخذَني عريسي الغليظ إلى الفندق وفعَلَ ما فعلَه بي، ثمّ غرِقَ في النوم بينما كنتُ أبكي مِن كثرة خَيبتي. كانت حياتي قد أخذَت مُنعطفًا جديدًا ولَم أكن أعرفُ على الاطلاق كيف ستكون. أجبَرتُ نفسي على نسيان سامِر، فما نَفع التفكير فيه؟ فهو سينساني حتمًا بعد أن فقَدَ الأمل بِعَيش حبّه معي. يا للخسارة! لَم يحضُر فرَحي أيّ مِن والدَيّ، مع أنّ خالتي أوصلَت الخبَر لهما، ولَم يؤثِّر بي غيابهما بعد أن اعتبَرتُهما مَيّتَين منذ سنوات لا تُحصى.

عندما عدتُ وزوجي إلى بيته، كانت أمّه بانتظاري وأخذَتني على الفور إلى المطبخ لأبدأ “حياتي الزوجيّة” وأطهو لرجُل البيت أو بالأحرى أعلِفُه. إكتشفتُ أنّ حماتي ستعيشُ معنا، فلَم يذكُر أحَدٌ تلك النقطة أمامي. يا إلهي… هل كان عليّ تحمّل طغيان امرأة أخرى كرهَف؟ لكنّ أمّ إيهاب لَم تكن لعينة كخالتي، فقط إمراه كسائر الحموات، تمقتُ كنّتها وتعتبرُ ابنها أفضل رجُل على الاطلاق.

على مرّ الوقت، إستطعتُ إيجاد توازن مقبول في حياتي، بين حماتي وزوجي والبيت والحزن الذي رافقَني منذ صغري، وبدأتُ أعتادُ على الواقع الذي أنا فيه. بقيَ عليّ إعطاء وريث لرجُلي، لأكون قد أصبحتُ الزوجة التي يتمنّاها مَن هم مثل إيهاب وأمّه. لكنّ الله لَم يشأ أن يُعذّبَني أكثر مِن اللازم لذا لَم أُنجِب، الأمر الذي أغضَبَ زوجي وحماتي، لكنّهما لَم يقسوا عليّ كثيرًا فقد تقعُ مُعجزة يومًا وأحمَل. على كلّ الأحوال، إن أنجَبتُ أم لا، فحياتي كانت بائسة على كلّ الأحوال، إذ كيف لي أن أُربّي طفلاً حين أكون في حالة إحباط دائمة؟

لَم تزُرني خالتي على الاطلاق مع أنّها كانت تُقابِل حماتي مِن وقت لآخَر في أماكن عديدة. أنا مُتأكّدة مِن أن رهَف كانت توصي أمّ إيهاب بترهيبي وتخويفي وربّما مُعاقبتي إن أعصَيتُ أوامرها، إلا أنّ هذه الأخيرة لَم تكن قاسية معي، بل فقط لا تُحبُّني. أمّا بالنسبة لزوجي، فهو كان بلا عاطفة، لا يهمّه سوى الأكل والجنس. كان كريمًا معي، فبعد أن خلَعتُ الملابس الشنيعة التي لفَّت جسدي منذ وصولي بيت رهَف، هو اشترى لي كلّ ما طلبَته نفسي، وصرتُ قادرة على الاختلاط بالناس والذهاب إلى حيث أشاء. تقدُّم نوعيّ غيَّرَ حياتي بطريقة إيجابيّة وخفَّفَ عنّي وطأة العَيش مع رجُل لا أحبُّه.

الصفحة السابقة 1 2 3 4 5 6 7الصفحة التالية
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى