ولا ينتصِر إلا الحب

إمتلأت عينايَ بالدموع، فحبيبي السابق لَم يخرُج ليراني بل بقيَ في غرفته. يا إلهي… لقد وضعتُ نفسي في موقف حرِج بالمجيء إلى ذلك البيت آملةً أن أستعيدَ الوقت الضائع! فكان مِن الواضح أنّ سامِر نسيَني ولَم يعُد يُحبُّني. تابَعتُ وصوتي يرتجِف:

ـ آه… فهمتُ الموضوع. على كلّ الأحوال لقد مضَت سنوات على… ولستُ غاضبة منه إن هو لا يُريدُ رؤيتي.

ـ هو يُريدُ رؤيتكِ وبشدّة، لكنّه… لا يُريدُكِ أن ترَينَه.

عندها خرَجَ سامِر مِن غرفته…. على كرسيّ مُتحرِّك! ركضتُ إليه والدموع تنهال على خدّيَّ لِكثرة فرَحي وحزني في آنٍ واحِد. قبّلتُه على رأسه وركعتُ إلى جانبِه وفي عَينَيّ مئة سؤال. هو أدارَ وجهه وقالَ:

– لقد وقعتُ ضحيّة حادث سَير وأنا مُقعَد لِمدى الحياة. لا أُريدُ شفقتكِ يا ليلى، ولا يجِب أن تعودي إلى هنا مُجدّدًا. أكمِلي حياتكِ مع زوجكِ، على الأقلّ هو مُتعافٍ.

لكنّني صرختُ به:

ـ أنتَ مَن أحِبّ وليس هو!

ـ كنتِ تُحبّيني في ما مضى لكن الآن…

ـ هل الحبّ الحقيقيّ يقفُ عند ملامِحٍ أو جسدٍ أو عافيةٍ؟ إنّ الحبّ لا يرى بل يشعُر. سأعودُ إن شئتَ أم لا! أنا لَم أعُد تلك المُراهقة الخجولة التي تفتقدُ الثقة بالنفس، بل صرتُ امرأة قويّة! وذات قوّة كافية لِكلَينا، وأنا مُتأكِّدة مِن ذلك.

ـ لكنّكِ مُتزوِّجة.

ـ دَع الأمر لي، فزوجي وأمّه استفادا منّي بما فيه الكفاية وهما لا يُحبّاني. سأعودُ، ولن أرحَل بعد ذلك.

حاوَلَ زوجي المُمانعة عند طلبي الطلاق ووصَلَ الأمر به لتهديدي بالقتل، لكنّني لَم أخَف منه بل جمَعتُ أمتعَتي ورحتُ أسكنُ مع إحدى عاملات المصنَع التي صارَت صديقتي. ثمّ اتّصلَتُ بحماتي وقلتُ لها:

– كنتِ وابنكِ تعرفان منذ البدء أنّ خالتي أرغمَتني على الزواج، وبالرغم مِن ذلك جئتُما بفتاة مُرغمة، واستغلَّيتُماها للأعمال المنزليّة والواجبات الزوجيّة. لَم يُحبُّني أيّ منكما ولَم تُحاوِلا حتّى حَملي على الشعور بالراحة أو الطمأنينة، بل كنتُ كالغريبة وسطكما إلى حين علِمتُما أنّه هو العاقِر وليس أنا. حان الوقت لأعيشَ بسعادة بعد أن تربّيتُ مِن دون أمّ أو أب بل مع خالة قاسية ومليئة بالعقَد النفسيّة. وبعد أن وجدتُ الحبّ الحقيقيّ لن يقِفَ أحدٌ في طريقي! إقنَعي ابنكِ بتطليقي وإلا استعمَلتُ أساليب ستسبّبُ لكما الاحراج بين الناس!

نجحَت مُحاولتي والحمد لله، وحصَلتُ على طلاقي. فأسرعتُ بزفّ الخبَر لِسامِر وأهله، وانتظَرنا بِفارغ الصبر أن نتزوّج.

أنا اليوم زوجة سعيدة وأمّ لولدَين رائعَين. وهذه الأيّام السعيدة أنسَتني كلّ العذاب الذي مرَّيتُ به، فلا يجِب أن ييأس المرء، لأنّنا لا نعلَم ما بانتظارنا. المهمّ هو أن نُبقي قلبنا نقيًّا وسيجدُنا الحبّ بنفسه.

ما حصَل لِرهَف خالتي؟ فور عِلمها بزواجي مِن سامر، حاولَت نشر أقاويل عنّي مفادُها أنّ زوجي تركَني بسبب قلّة أخلاقي. إلا أنّ ما مِن أحَد صدَّقَها، فاستسلمَت أخيرًا. بعد سنوات قليلة، وصلَني أنّها أُصيبَت بِمرَض عُضال لا يرحَم. لَم أشأ تركَها وحيدة لِذا صِرتُ أبعَثُ لها الطعام بواسطة جارةٍ لها، إلى أن ماتَت. وبالطبع لَم تصِلني أيّة كلمة شكر مِن جانبها ولَم يُدهشني الأمر كثيرًا. ففي آخِر المطاف، الناس لا يتغيّرون!

الصفحة السابقة 1 2 3 4 5 6 7
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى