رواية ماوراء الصمت بقلم ألاء حجازي

وهي حاسة إن صدرها مكتوم.
الشارع كان هادي بس جواها دوشة صور كتير بتلف في دماغها معتز كلماته القاسېة نظرة ياسين خوفه عليها ضحكة أمه اللي اتحولت لصمت
كل حاجة كانت بتخبط في بعض.
فرح كانت ماشية من غير ما تحس برجليها رايحة على فين.
الهوى برد بس دماغها مولعة من اللي حصل فوق.
صوت معتز وكلامه الحقېر لسه بيرن في ودنها وضړب ياسين وصوت نور وهي بتحاول توقفهم…
كل ده كان عامل دوشة في قلبها.
لحد ما خبطت بالغلط في واحدة ست كبيرة شايلة كيس خضار.
ياااااه أنا آسفة جدا يا حاجة والله ما كنت شايفة!
الست مسكت الكيس قبل ما يقع وقالت بهدوء وابتسامة طيبة
ولا يهمك يا بنتي ربنا يسامح الجميع.
فرح قالت بخجل
حقك عليا والله كنت سرحانة.
الست بصت لها كده بتمعن وقالت وهي بتحاول تفتكر
استني مش انتي بنت آمال
فرح اتفاجئت وقالت
تعرفي ماما
ضحكت الست وقالت
أمال دي بنت عمي يا حبيبتي بس من زمان ما شفناش بعض.
سبحان الله شبهها قوي.
فرح ابتسمت بخفة
والله الدنيا صغيرة.
الست مدت إيدها بلطف وقالت
طب تعالي نقعد شوية هنا على الكرسي نفسي أسمع أخباركم.
قعدوا شوية يتكلموا تحكي عن أمها عن حالهم والست كانت بتسمعها بطيبة.
لكن بعد دقايق الست بصت في وش فرح وقالت بهدوء
مالك يا بنتي عينيكي فيها ۏجع.
فرح سكتت ثواني وقالت بصوت واطي
يمكن عشان اللي حواليا بقوا غرب أو يمكن عشان أنا اللي اتلغبطت.
الست سألتها بحنية
احكيلي يا بنتي يمكن أقدر أساعدك.
فرح بدأت تحكي من أول ما راحت بيت مرات عمها لحد اللي حصل النهارده بينها وبين معتز وضړب ياسين ليه.
كانت بتحكي بصوت مهزوز كأنها بتفرغ ۏجعها أخيرا.
الست فضلت ساكتة ولما خلصت قالت نبرة حازمة بس فيها دفء
بصي يا بنتي
أنتي غلطانة.
فرح بصت لها پصدمة وقالت
أنا! ليه
ردت الست وهي ماسكة عصاها
آه غلطانة إنك قعدتي في مكان فيه راجل بيقعد معاكي وإنت عارفة كده وساكتة.
قعدت الست تبص لفرح بنظرة فيها مزيج من الحنية والجدية وقالت
بصي يا بنتي أنا مش قصدي أضايقك بس اللي انتي بتحكيه ده فيه حاجات غلط غلط شرعا قبل ما يكون غلط عرفا.
فرح بسرعة قالت وهي بتبرر
بس هو ما كانش قاعد معانا في نفس الشقة والله ده كان ساكن في الشقة اللي قبلنا بس كان بييجي يسهر معانا يقعد معانا شوية
الست هزت راسها ببطء وقالت بنبرة حازمة
يا بنتي ما هو ده الغلط بعينه.
السهر والضحك والاختلاط حتى لو في وجود ناس كله بيجر القلب من غير ما نحس.
الشيطان ما بييجيش يقول اعصي ربك
بييجي يقول ما هو ابن الناس وبيضحكك بس ومفيش حاجة.
بس هو كده بيبدأ خطوة بخطوة لحد ما القلب يتعلق وبعدها تلاقي نفسك تايهة.
اللي حصل النهارده ما جاش فجأة ده نتيجة سكوتك من بدري.
الشيطان يا بنتي ما بيظهرش مرة واحدة ده بيخش على أطراف الكلام على الضحكة على الموقف اللي تقوليه عادي
لحد ما العادي ده يبقى ذنب وإنت مش واخدة بالك.
سكتت شوية وقالت
هو الولد ده اسمه إيه
ياسين.
أهو ما دام بتعرفي اسمه وبتقعدي معاه وتضحكي وتزعلي يبقى حصل قرب.
والقرب بين ولد وبنت حتى لو بريء خطړ.
ربنا قال
ولا تقربوا الژنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا.
يعني حتى القرب مش الفعل القرب بس منه ربنا نهى عنه.
خلي قلبك نظيف وحياتك فيها بركة
اللي عايزك بالحلال هييجي لحد بابك
لكن الهزار والضحك والاختلاط ده مش طريق حب ده طريق ۏجع.
اتأثرت فرح بكلامها
كانت حاسة إن كل كلمة نازلة على قلبها زي المية الباردة على ڼار.
الست كملت وقالت وهي تمسك بإيدها
اسمعي كلامي يا بنتي الدنيا مش أمان
الناس شكلها طيب بس القلوب فيها اللي فيها.
خليكي دايما قريبة من ربنا وهو هيبعتلك الخير لحد عندك
يعني حتى الطريق اللي يوصلك تبعدي عنه
لأن الڼار بتبدأ بشرارة.
فرح بصت لها ودموعها بدأت تنزل
قالت الست وهي بتحط إيدها على إيدها بلطف
أنا مش بلومك يا بنتي بس بذكرك.
الاختلاط الكتير بين الولد والبنت بيولد ألف شيطان بينهم
واللي قلبه أبيض ممكن يتلطخ بلحظة ضعف.
النبي ﷺ قال
ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما.
تنفست الست وقالت بهدوء مؤلم
وربنا كرمك وحماك وبعتلك إنذار بدري.
خلي بالك يا فرح الدنيا فتنة والقلوب ضعيفة.
لو ربنا نجاكي النهارده من كلمة أو نظرة أو موقف احمديه
لأن المرة الجاية ممكن ما تلحقيش تتوبي.
سكتت لحظة وبصتلها بعين مليانة حنان وقالت
ارجعي لربنا وارجعي لأمك وارجعي لصلاتك.
خلي الحجاب حجاب للقلب قبل ما يكون على الراس
وخلي مساحتك بينك وبين الولاد فيها حدود
عشان اللي بيصون نفسه ربنا بيصونه.
فرح كانت ساكتة بس دموعها نازلة بهدوء
الكلام كان بيدخل جواها كأنه دواء
يوجع بس يطهر.
قالت بصوت مكسور
يمكن كنت بحاول أهرب من التعب بس يمكن فعلا كنت ماشية غلط.
الست ابتسمت وقالت
مش مهم كنتي فين المهم تمشي صح بعد كده.
الرجوع لربنا عمره ما بيحتاج مبررات بس بيحتاج صدق.
قامت وهي بتربت على كتفها وقالت
روحي يا بنتي توضي وارفعي إيدك وقولي له يارب طهر قلبي.
هو هيهديكي زي ما هداني وهدى كل تايه.
فرح سكتت عينيها دمعت
الست كملت بصوتها الهادئ اللي بيدخل القلب
بصي يا بنتي أنا ما بقولكيش ما تكلميش الناس بس اختاري مكانك وحدودك.
اللي بيحافظ على نفسه ربنا بيحافظ عليه.
وانت شكلك بنت طيبة بس طيبتك دي ممكن توقعك لو ما كنتيش صاحية.
قامت الست وهي بتحط إيدها على كتف فرح وقالت بابتسامة
شوفي أنا ساكنة قريب من هنا بنتي متجوزة وسافرت مع جوزها بره وأنا عايشة لوحدي.
تعالي اقعدي معايا يوم لما تحبي بدل الوحدة اللي بتخنقك دي.
أنا قريبتك وما تخافيش مني
وفكري كويس يا بنتي وخدي رقمي
لو احتجتيني في أي وقت كلمني.
طلعت ورقة صغيرة من شنطتها وكتبت رقمها ومدته لفرح.
فرح خدت الورقة بإيدها المرتعشة وقالت بخجل
شكرا يا خالتي والله يمكن كنت محتاجة الكلام ده.
الست ابتسمت وقالت وهي بتقوم
الحمد لله إن ربنا بعتهولي النهارده يمكن هو اللي رتب المقابلة دي.
خدي بالك من نفسك يا فرح
واعرفي إن اللي يصون نفسه ربنا ما بيضيعوش أبدا.
فرح فضلت قاعدة مكانها بعد ما الست مشيت ماسكة الورقة في إيدها
وعنيها بتلمع بشيء جديد خوف ووعي وراحة غريبة.
فرح قامت ودموعها لسه على خدها
بس قلبها كان أنضف أخف
حست إن ربنا بعتها الست دي مخصوص
كأنها رسالة من السما جات في وقتها.
رفعت عينيها فوق وقالت في سرها
يا رب سامحني وثبتني.
ومشيت بخطوات أهدى من اللي نزلت بيها
يمكن دي كانت أول مرة تحس إن ربنا بيكلمها من خلال حد.
رجعت فرح ماشية على مهلها كل كلمة الست قالتها كانت بتلف في دماغها كأنها شريط مش راضي يوقف.
كل ما تاخد نفس تفتكر صوتها وهي بتقول
هو الولد ده اسمه إيه
الشيطان بيبدأ من الضحكة.
اللي بيحافظ على نفسه ربنا بيحافظ عليه.
الكلام كان تقيل على قلبها مش عشان غلط
لكن عشان ۏجعها
ۏجعها لأنها حست فعلا إنها كانت ماشية في طريق غلط ومش واخدة بالها.
هي ما كانتش وحشة
بس كانت بتدور على حتة دفء على حد يسمعها بعد كل اللي عاشته.
وياسين كان موجود
كان بيسمعها بيضحك معاها بيريحها.
بس الست صح القرب حتى لو بريء خطړ.
وقفت في نص الشارع
الهوى خبط في وشها
والكلمات بتتلخبط جواها بين صوت الست وصوت معتز.
صوت الست الهادئ اللي بيفكرها بالصح
وصوت معتز الحقېر اللي كان بيحاول يكسرها بالكلام.
افتكرت شكله وهو واقف قدامها بيشتمها وبيقول بصوت عالي
انتي بنت قليلة الأدب بتستني أي فرصة عشان تلفتي نظر راجل!
افتكرت القلم اللي ادتهوله وهي بتترجف من القهر
افتكرت ازاي ياسين وقف يدافع عنها
وازاي الدنيا كلها اتشقلبت في لحظة.
الدموع نزلت على خدها وهي بتقول لنفسها
أنا غلطت فعلا
أنا كنت سبب في اللي حصل ده كله
فضلت ماشية وهي بتكلم نفسها
كل خطوة كأنها بتغوص في بحر من التفكير والندم.
وصلت لحد البيت من غير ما تحس
دخلت أوضتها قفلت الباب
وقعدت على السرير.
قعدت فرح في سكون كل حاجة حواليها كانت ساكتة بس جواها الدنيا مقلوبة.
الكلام اللي سمعته من الست كان بيزن في ودنها
كل جملة قالتها كأنها سهم داخل في قلبها
اللي بيقرب من الحړام عمره ما هيشوف راحة.
و اللي بيحافظ على نفسه ربنا بيكرمه.
قعدت تبص في الأرض بعين تايهة
مش عارفة تزعل من نفسها ولا من الدنيا ولا من اللي حواليها.
هي ما كانتش عايزة غير الطمن
بس واضح إن الطمن مش بيتجاب بالطريقة دي.
نفسها تقيلة ومخڼوقة
حطت راسها على المخدة ودموعها مش راضية تقف.
الكلام بيرن في ودنها تاني
الڼار بتبدأ بشرارة.
اللي يصون نفسه ربنا ما بيضيعوش.
غمضت عينيها
بس عقلها مش ساكت.
كل حاجة حصلت بتتعاد قدامها كأنها بتتفرج على فيلم هي بطلته
اللي ضيعت طريقها وهي مش واخدة بالها.
خدت نفس عميق
قامت واقفة على مهلها
وقالت في سرها وهي بتحاول تشد نفسها
خلاص أنا خدت قراري.
المرة دي أنا هبدأ من جديد بطريقتي
وهعرف أرجع فرح اللي كانت زمان.
ولسه بتقوم من على السرير عشان تنفذ القرار اللي خدته
في اللحظة دي بالذات
تليفونها رن.
بصت للشاشة رقم غريب.
حست بحاجة غريبة في قلبها زي رعشة خفيفة
ردت وهي بتقول بصوت واطي
ألو
وبعد ثانيتين وشها اتبدل كله
الډم انسحب من ملامحها
إيديها بتترجف وهي بتسمع الكلام.
الكلمات كانت قليلة
بس كفاية إنها تهزها من جواها.
الصدمة خلتها ما تعرفش تتنفس
الموبايل وقع من إيدها على الأرض
وعينيها معلقة في الفراغ.
يتبع.
بصت للشاشة رقم غريب.
حست بحاجة غريبة في قلبها زي رعشة خفيفة.
ردت وهي بتقول بصوت واطي
ألو
وبعد ثانيتين وشها اتبدل كله
الډم انسحب من ملامحها
إيديها بتترجف وهي بتسمع الكلام.
الكلمات كانت قليلة
بس كفاية إنها تهزها من جواها.
صوت ست بيعيط من الناحية التانية بيقول
يا بنتي أنا أم معتز معتز عمل حاډثة يا فرح حالته صعبة قوي بين الحياة والمۏت.
هو نطق اسمك قال هاتوا فرح.
أنا مش عارفة ليه بس بيطلبك يا بنتي.
سكتت لحظة وبعدين صوتها اتكسر وهي بتقول برجاء حقيقي
لو ليا غلاوة عندك
لو بتعتبريني زي أمك بجد
تعالي عشان خاطري يا فرح هو طالبك.
الكلمة دي بالذات طالبك.
كانت زي ضړبة على صدرها
حست بدقات قلبها بتعلى
صوت نفسها اتقطع وهي بتهمس لنفسها
بين الحياة والمۏت وبيطلبني أنا!
الموبايل وقع من إيدها
قعدت على أول كرسي قابلها وهي مش حاسة بحاجة
نظرتها ثابتة في الفراغ
دموعها نزلت فجأة من غير صوت
وبعدين قامت مرة واحدة
لبست طرحتها بسرعة وهي بتترعش
خدت شنطتها وفتحت الباب تجري.
ولا عارفة هي ماشية فين
ولا بتفكر في حاجة غير صوت الست اللي بيرن في ودانها
تعالي عشان خاطري يا فرح هو طالبك.
قلبها كان بيخبط في صدرها
ورجليها بتجروها بالعافية
كل خطوة كانت ۏجع.
دخلت فرح المستشفى
القلب كان بيخبط جوه صدرها كأنه عايز يهرب
عينيها بتدور في كل اتجاه لحد ما شافت أم معتز قاعدة على كرسي بره أوضة العمليات
وشها كان








