رواية ماوراء الصمت بقلم ألاء حجازي

بتوجعه بس مش قادر يحددها
وجواه صوت صغير بيقول
هي خلاص راحت.
الأيام عدت ببطء
كل يوم كان شكله زي اللي قبله
بس مع الوقت ابتدت الحياة تمشي.
فرح دلوقتي بقت ساكنة في شقة صغيرة في نفس العمارة بتاعة الحاجة منيرة.
قالت لنفسها إنها مش عايزه تبقى تقيلة على الست الطيبة دي
فاستأجرت الشقة اللي في وشها بالضبط.
تفضل طول النهار عندها تساعدها تحكيلها
وبالليل ترجع شقتها تنام ساعة وتقوم على شغلها.
الدنيا بدأت تهدى
رجعت تشتغل تاني
بقت بتحاول تملأ يومها بأي حاجة عشان ما تفكرش كتير.
عدت أيام كتير
وفرح كانت خلاص اتعودت على قعده الحاجة منيرة
الحياة هناك بسيطة وهادية
الحاجة طيبة وبتحبها
كانت بتحاول تنشغل
رجعت شغلها وبقت بتقابل نور كل يوم في الكلية.
نور أول ما شافتها جريت عليها
فرح! أخيرا! فين يا بت كنتي فين من زمان
ضحكت فرح وقالت
كنت بحاول أظبط حياتي شوية وبعدين انا اخت اجازة اسبوع بس. 
قعدوا سوا على الدكة ونور كالعادة ما سكتتش
ماما بتسأل عليكي على طول
بتقول لي البنت دي محترمة ومؤدبة حرام تبعد عننا.
فرح ابتسمت وقالت بهدوء
ربنا يخليها ست طيبة جدا.
نور ضحكت وقالت بغمزة خفيفة
وياسين كمان على فكرة ما بيقولش حاجة
بس باين عليه متضايق إنك مش موجودة.
ردت فرح بسرعة وهي بتحاول تغير الموضوع
يا بنتي بلاش الكلام ده أنا خلاص ارتحت كده.
نور قالت بابتسامة خفيفة
زي ما تحبي بس باين إن في كلام مش متقال.
فرح سكتت.
ولا ردت ولا أنكرت.
بس لما رجعت بيتها آخر اليوم
فضلت كلمات نور ووش ياسين اللي شافته في خيالها يلف في دماغها
تحاول تهرب منه بس ما قدرتش.
كل ده و الضحكة بتدأت ترجع على وشها شوية شوية.
أما معتز فبعد ما خرج من المستشفى
بقى إنسان تاني تماما.
الغرور اللي كان في عينه اختفى
صوته بقى واطي وكلامه قليل.
فرح كانت بتزوره من وقت للتاني
مش عشان أي حاجة
بس لأنها حست إن الواجب والرحمة فوق كل حاجة.
كانت بتقف عند باب الأوضة تبص عليه وهو بيحاول يحرك إيده أو رجله
تدعي له في سرها وتقول
يا رب يمكن يكون ده طريق توبته.
الحياة كانت بتمشي
بس جواها لسه حاجة ناقصة
حاجة مش عارفه تسميها
يمكن راحة الضمير
ويمكن حنين لإنسان ما كانتش متخيلة إنه هيسيبلها علامة بالشكل ده. 
وييجي اليوم اللي يغير كل حياتها.
كانت راجعة من الكلية تعبانة بس مبسوطة الجو كان حر شوية بس هوا المغرب كان بيهدي الدنيا.
طلعت السلم وهي ماسكة الكتب في إيدها وبتتنفس بصوت عالي
ياااه يوم طويل أوي النهارده جعانة جعانة.
فتحت الباب بالمفتاح وهي بتضحك وقالت بصوت عالي
يا حاجة منيرة الأكل فين يا ستي جعانة والله العظيم جعانة حرام عليكي لو ما فيش غدا!
ضحكت الحاجة منيرة من جوه وقالت
إيه الصوت ده هو في حرب الغدا ع الڼار يا بت استني شويه!
فرح رمت الشنطة على الكرسي وقالت وهي داخلة الصالون
ماشي بس بسرعة أصل لو اتأخرتي عليا هتلاقيني بأكل الترابيزة دي!
كانت بتضحك وهي بتقولها
بس أول ما دخلت الصالون وقفت مكانها.
الضحكة اختفت.
عينيها اتجمدت على المنظر اللي قدامها.
ياسين قاعد على الكرسي
وأمه قاعدة جنبه
اللي اتنين بيتكلموا وبيضحكوا مع الحاجة منيرة كأنهم في زيارة عادية خالص.
فرح حست قلبها وقع منها.
إيديها بقت تقيلة ووشها سخن فجأة.
نفسها اتقطع كأن الوقت وقف.
الحاجة منيرة أول ما شافتها قالت وهي مبسوطة
أهو يا بنتي شوفي مين اللي منورنا النهارده!
فرح بصت ناحيتهم وهي مش قادرة تنطق.
أم ياسين ابتسمت وقالت بهدوء
إزيك يا فرح
بس هي ما ردتش
وقفت متسمرة مكانها
ولا عارفة تعمل إيه ولا تقول إيه
كل اللي في وشها كان صدمة وسؤال كبير ما نطقتوش.
يتبع. 
يترا ياسين وامه رايحين عند فرح ليه 
ويا ترى فرح هتستقبلهم ازاي 
وهل معتز فعلا ندم 
كل ده هنعرفه في البارت الجاي باذن الله 
بقلمي آلاء محمد حجازي
ما_وراء_الصمت. 
الحلقة_التاسعة. 
حواديت_لولو. 

فرح وقفت مكانها مبهوتة من المشهد اللي قدامها
ياسين قاعد في الصالون وأمه جنبه والضحك مالي المكان.
ولما عينهم وقعت عليها سكتوا لحظة.
قالت وهي بتحاول تدارى ارتباكها
هو إيه المفاجأة دي
رد ياسين بنبرة هادية فيها لمعة خبيثة
مفاجأة لطيفة ولا شكلها أزعجك
على حسب بقى الواحد ېخاف من المفاجآت اللي فيها حضرتك.
لا لا المرة دي أنا جاى بأدب ونية كويسة.
قعدت على طرف الكرسي تحاول تبان عادية بس عينيها رايحة جاية عليه.
الحاجة منيرة قالت وهي مبسوطة
شوفي يا بنتي مين اللي منورنا قولت له يدخل يشرب شاي معانا.
ردت فرح وهي بتحاول تضحك
منور دايما يا حاجة.
طبعا بس باين إن النور ده مضايقك شوية صح
قالها ياسين وهو بيبص لها بابتسامة جانبية.
لأ خالص أنا بس مش متعودة ألاقيك في كل حتة بروحها.
يمكن ربنا بيبعتني لك كل مرة عشان تفهمي الرسالة.
رسالة إيه دي
إنك مش هتعرفي تهربي مني كده بالساهل.
أنا ما بهربش يا أستاذ أنا بس بعدت عشان كل واحد ياخد راحته.
وأنا قررت آخد راحتي وأنا جنبك.
بصت له بحدة
ياسين مش ناقصة هزار لو سمحت.
سكت لحظة وبعدين قال بهدوء
ما بهزرش.
الكلمة وقعت تقيلة في الجو.
أم ياسين بصت له باستغراب والحاجة منيرة اتسعت عينيها شوية.
أما فرح فوشها اتغير
قالت بصوت متوتر
تقصد إيه بالظبط
أقصد اللي سمعتيه.
أنا جاي أطلبك رسمي من الحاجة منيرة قدام أمي.
سكت ثواني وبعدها كمل
زهقت من اللف والدوران ومن المسافات اللي بينا.
أنا شوفتك في كل حالاتك وعمري ما كنت مرتاح زي ما بكون وإنتي موجودة.
يمكن اتخانقنا كتير ويمكن كنت غبي أوقات
بس في الآخر ما لقيتش نفسي غير معاكي.
الكلام وقع عليها زي الصاعقة
ولا عارفة ترد ولا تبص له.
كل اللي قدرت تعمله إنها تشد نفس وتقول
الموضوع كبير يا ياسين مش كده بيتقال.
ابتسم وقال بهدوء
عشان كده بعد إذنكم ممكن أقعد معاها دقيقة لوحدنا
بصت له الحاجة منيرة وقالت بخفة ډمها المعهودة
يعني جايب العدة كاملة النهارده ماشي يا بني تفضلوا.
وقامت هي وأم ياسين سابوهم سوا في الصالة.
هو لف وشه ناحيتها وقال بابتسامة صغيرة
أهو كده نقدر نتكلم براحه.
فضل الصمت ثواني
وياسين بص لها بهدوء وقال
كنت مستني اللحظة دي بقالها كتير
مش عشان أقول كلام كبير ولا أبرر حاجة
بس عشان أتكلم بصدق بعيد عن الهزار اللي دايما كان بينا.
فرح كانت واقفة ملامحها هادية بس جواها قلق واضح
قالت وهي بتحاول تلهي نفسها بنظرتها ناحية الأرض
طب اتكلم يا ياسين أنا سامعة.
تنهد وقال بصوت هادي وثابت
أنا يمكن أول مرة أتكلم معاكي من غير هزار
ومن غير قناع.
أنا معجب بيكي.
بس مش الإعجاب اللي بيخلص لما الجمال يروح
أنا معجب بفرح اللي وقفت قدام الدنيا كلها وما انهزتش
البنت اللي رفضت تتجوز ابن عمها قدام الناس كلها عشان ما ترضاش بالظلم
اللي اتظلمت وسكتت بس عمرها ما قلت أدبها
اللي وقعت واتكسرت بس وقفت تاني أقوى من الأول.
سكت شوية وبعدين قال بصوت أخف
يمكن الناس تشوفك عادية
بس أنا شايف فيكي حاجة مش عند حد
شايف إنك الشجاعة اللي كنت نفسي أكونها يوم.
اللي واجهت خۏفها من غير ما تستخبي ورا حد.
وانا عايز أبقى الشخص اللي يكون معاها في كل مراحلها.
مش علشان أكملها
علشان أشاركها.
تنهد وقال
انتي علمتيني يعني إيه الصبر
علمتيني يعني إيه الإيمان
علمتيني إن الكلمة الطيبة ممكن تغير حياة بني آدم.
أنا شوفت فيكي كل حاجة كنت مفتقدها
مش علشان كنتي صلبة
بس علشان كنتي بتتهزي وبتقومي
بتتكسري وبتقفي تاني من غير ما تشتكي.
أنا شفتك بتتحملي كلام الناس
وشفتك بتختاري الكرامة رغم الۏجع
وشفتك بتدعيلي وأنا آخر حد يستاهل دعوة منك.
سكت لحظة وبص لها بعينين فيها صدق موجع
أنا مش جاي أطلبك عشان أكمل نقص في حياتي
ولا عشان أكفر عن غلطة.
أنا جاي أطلبك لأنك ميزاني. 
اللي خلى الدنيا تبقى أوضح.
أنا مش بدور على واحدة تكون ظلي
أنا عايز واحدة تبقى نوري.
أنا عايزك لأنك خلتيني أتعلم معنى كلمة سکينة اللي ربنا قالها في القرآن
ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة.
السکينة دي أنا ملقتهاش في الدنيا كلها غير لما كنت معاكي.
مد إيده قدامه وقال
أنا مش طالب بطلة ولا بنت مثالية
أنا طالب الست اللي تخاف عليا وتدعيني وأنا مش شايفها.
اللي لما تغلط أحتويها
ولما أضعف ترفعني.
أنا عايز أبقى ضهرك وسندك مش كلام فعل.
أنا عايز كل اللي جاي يبقى مع بعض
بكل ضعفنا وقوتنا.
سكت لحظة طويلة.
هي رفعت عينيها عليه وقالت بهدوء بس كل كلمة كانت طالعة من قلبها
بس ياسين أنا مش دايما قوية زي ما انت فاكر.
مش دايما عندي طاقة أواجه.
الناس بتشوف الصورة اللي بره بس
ما بيشوفوش اللي جوا
بيجي عليا وقت ببقى ضعيفة بخاف ببكي بتهز
لو انت معجب بيا عشان قوتي فالانبهار ده هيخلص أول ما تشوفني في لحظة انكسار.
تحبني وقتها زي ما بتحبني دلوقتي وإلا
الإعجاب ده مش حب.
اتنهدت وقالت وهي بتبص له في عينيه مباشرة
ربنا خلقنا مختلفين
قال في القرآن الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض
مش علشان الراجل أعلى لأ
علشان يشيل عنها وقت ضعفها
يبقى سندها لما تقع
مش يقف يتفرج ويقول فين قوتك اللي كنتي بتتكلمي عنها
سكتت ثواني وكملت بصوتها الهادي
البنت مهما كانت قوية
في الآخر هي محتاجة ضهر محتاجة أمان محتاجة راحة
مش بس كلمة حلوة ولا إعجاب مؤقت.
لو انت فعلا ناوي تبقى الشخص ده
يبقى لازم تكون عارف إن في يوم
هتشوف فرح الضعيفة مش فرح القوية.
ساعتها تحبها زي ما هي ولا هتدور على النسخة اللي كنت منبهر بيها
كلامها خلى وش ياسين يتغير
ابتسم بخفة بس المرة دي كانت ابتسامة كلها ۏجع وصدق
أنا مش عايز فرح القوية بس
أنا عايز فرح كلها
اللي بتضحك اللي بټعيط اللي بتسكت
اللي ساعات بتتعب وساعات پتخاف.
أنا مش عايز أكون شاهد على قوتك
أنا عايز أكون سندك لما تتكسري.
عايز أكون الأمان اللي تلجأي له مش اللي تخافي تضعفي قدامه.
قرب منها خطوة وقال بهدوء جدا كأن كل كلمة وزنها تقيل
أنا ما جيتش النهارده أعتذر ولا أبرر
أنا جيت أطلبك من الحاجة منيرة رسمي.
جيت أقولك إن اللي بينا مش هزار ولا لحظة إعجاب
دي نية.
نية إن حياتي تبدأ بيكي وتكمل بيكي.
سكت لحظة وعينه ثابتة فيها وقال بصدق يخترق القلب
فلو هتقبلي
ما تبقيش بس مراتي اللي العالم شايفها قوية
ابقي نفسي الحقيقية
ابقي الإنسانة اللي حتى في ضعفها أنا فخور بيها.
الدنيا سكتت
كأن كل الأصوات وقفت تسمع الكلمتين دول.
وفرح فضلت واقفة مكانها
مش عارفة ترد
كل اللي في وشها دموع نازلة بهدوء.
فرح فضلت ساكتة ثواني طويلة.
عينها على الأرض ونفسها متلخبط
مش عارفة تتكلم ولا تعبر عن اللي جواها.
كل اللي حاساه إن قلبها بيرتعش جوه صدرها
كأن كل كلمة قالها ياسين كسرت فيها حاجز كانت بنته بإيدها.
رفعت عينيها له بهدوء
ونظرتها كانت مزيج بين خوف وصدق وحنان مكبوت
وقالت بصوت ناعم جدا
لكن كل حرف فيه كان واثق وواضح
ياسين
الكلام اللي

الصفحة السابقة 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19الصفحة التالية
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى