رواية ماوراء الصمت بقلم ألاء حجازي

ضحكت ضحكة خفيفة كده وأنا داخلة بس أول ما دخلت حسيت إن في نظرات عليا.
مش عارفة ليه بس كنت حاسة إن كل اللي في الأوضة بيبصلي.
أنا يمكن مش جميلة الجمال اللي يخلي الناس تتقلب
بس الحمد لله عارفة إن عندي ملامح حلوة ربنا مديها لي.
قمحاوية كده بشرتي دافية وملامحي هادية وعيوني محدش عارف يحدد لونها بالضبط.
مش شبه حد بس برضه شبه الكتير.
سعاد مرات عمي أول ما شافتني قامت بسرعة
فرح! حمد لله على السلامة يا حبيبتي
ده معتز ابن عمك رجع من اسكندرية الحمد لله.
بصيت له وابتسمت ابتسامة بسيطة
ازيك يا معتز عامل إيه
هو ما ردش أول لحظة واقف كده سرحان
لحد ما سعاد ضړبته بكوعها في دراعه وقالت له وهي بتضحك
يا واد رد!
ضحك ضحكة باهتة وقال
ازيك يا فرح عاملة إيه كبرتي.
ضحكت بخفة وأنا شايلة الشنطة من على كتفي وقلت له
كله بيكبر يا ابن عمي.
وبصوت هادي كده قلت
عن إذنكم هادخل أستريح شوية.
دخلت الأوضة بس قلبي لسه واقف عند الباب
مش عشان هو لأ
عشان الكلمة اللي قالها قبل ما أدخل جاهلة.
وأنا ناوية أوريه بنفسه مين هي الجاهلة.
علي الغدا قعدنا على السفرة الأكل كان محطوط والجو ساكت
مفيش غير صوت الملاعق بيخبط في الأطباق.
كنت باكل في هدوء وبحاول أتجاهل وجوده
بس هو اللي قرر يفتح الكلام.
قال وهو بيبصلي بنص ابتسامة فيها سخرية
صحيح يفرح لما جيت مكنتيش هنا كنتي فين النهارده يا فرح وكمان شكلك مهمومة قوي.
رفعت عيني عليه بهدوء وقلت
كنت بقابل واحدة صاحبتي يا معتز.
ضحك بخفة وقال وهو بيقطع العيش
صاحبتك وإنت بقى تعرفي ناس من هنا من القاهرة كمان
نزلت المعلقة بهدوء ومسحت بإيدي على الفوطة
وبصيت له بثبات
أيوه أعرف يا دكتور الدنيا مش مقفولة على قاعة المحاضرات اللي حضرتك فيها.
في ناس برضه بتفهم حتى لو ما معاهاش لقب.
سكت المكان كله
مرات عمي بصت له بحدة وهو حاول يخبي ارتباكه في لقمة تانية.
بس نظراته اتغيرتو ملامحه اتغيرت لحظة
زي اللي اتفاجئ إن الجاهلة ردت عليه بالعقل مش بالصوت.
رجعت أكلي تاني كأني ما حصلش حاجة
بس قلبي كان بيغلي
مش من كلامه
من نفسي إزاي كنت في يوم معجبة بشخص تفكيره بالشكل ده.
اللحظة دي بس كانت كفاية أعرف أنا مين ومين اللي فعلا لازم يتكسف من نفسه.
قمت من السفرة بخطوات سريعة
ما كنتش قادرة أكمل لحظة واحدة هناك.
دخلت أوضتي وقفلت الباب ورايا بإيدي
بس قلبي كان بيدق بسرعة
زي اللي بيهرب من حاجة وجواه ۏجع مش عارف له اسم.
قعدت على السرير شوية وبعدين قمت أتنفس عند الشباك.
الهواء كان ساكت بس صوتهم لأ.
صوت معتز كان واصل لحد عندي واضح
كان بيكلم صاحبه في البلكونة وضحكته تقطع الهدوء.
قال بنبرة فيها استهزاء واضح
اسكت يا عممش أمي كانت هتجنني النهارده.
وعايزاني أتجوز واحدة جاهلة جايه من ورا البهايم
ولا تعرف تتكلم حتى.
ضحك صاحبه وقال
طب عملت إيه
معتز كمل بنفس النبرة المتعجرفة
خلاص يا عم خلعت منها قبل ما أمي تحلف عليا اني اخدها ڠصب عني.
بس بغبائها كالعادة فتحت الباب ودخلت كأنها فاهمة كل حاجة.
سكت لحظة صوته بقى أهدى
وقال بخفة فيها لمحة غرور
بس الغريبة بقى إنها مش وحشة.
يعني لو كانت متعلمة والله يمكن كنت فكرت.
ضحك هو وصاحبه بعدها
ضحكة خفيفة
بس بالنسبالي كانت أقسى من ألف كلمة.
وقفت ورا الشباك جسمي ثابت بس دموعي نازلة بهدوء
من غير صوت من غير نفس.
مسحت دموعي وبصيت للسما
وقلت لنفسي بهدوء بنبرة وعد
هتشوف يا معتز هتشوف مين فينا اللي جاهل.








