بقلم ساره 1

– تمام متشكر يا دكتور!
قالها بشرود، فـ خرج الطبيب و طاقم الممرضات و جلس هو جوارها على نفس السرير، إتردد إلّا إنها مسك كفها بلُطف، سند دقنه عليه و بصلها و هو بيقول مبتسمًا:
– فاكرة لما شوفتك أول مرة؟ لما دخلتي لأبوكِ بتعيطي و لابسة برمودا، كنت شايفك عيّلة متدلعة مبتعرفش تواجه مشاكلها .. فـ واجهتها أنا!! بعد ما ضـ,ـربت الراجل ده من كل قلبي و كل مرة كنت بمد إيدي عليه فيها كنت بتخيل إنه بيلمسك، الفكرة نفسها كانت مخلية الدم بيغلي في عروقي، لما ركبتي العربية إدايقت أوي وقتها .. عارفة ليه؟ حسيتك مُستهترة .. بتركبي عربية واحد لسه عارفاه من دقيقتين، و في نفس الوقت أنا أصلًا كنت بقاوم نفسي بالعافية عشان مخُدكيش في حُ*ضني أهدي جسمك اللي كان بيترعش وقتها .. فـ تخيلي تيجي كمان تركبي جنبي، لو مكنتش طردتك وقتها م العربية كنت هح*ضنك، فـ إحمدي ربنا بقى! النهاردة كنتِ بتقولي لأبوكي الله يرحمه إنك مالكيش غيرُه، بس أوعدك هخليكِ فـ يوم من الأيام تيجي تقوليلي إنك ملكيش غيري!!
قطبت حاجبيها كإنها مُعترضة على اللي بيتقال، فـ إبتسم و أسرع بخطف قبلة و إثنتان و ثلاث قبلات من باطن كفها قبل م تصحى، فتحت عينيها بالفعل و هي بتغمغم:
– بابا .. بابي!!
تنهد عزيز و نهض جالسًا على الفراش أمامها، قرّب وشه منها و همس بهدوء:
– مينفعش عزيز؟
– فين .. بابي!!
قالت و هي بتبصلُه بـ أعين سرعان ما ملئتها الدموع، فـ رفع كفه بيمسح على خصلاتها لتغمض عيناها تتمسك بـ تلابيب قميصه ترجوه بنبرة ضعيفة:
– عزيز .. هاتلي بابي!!!
شعر بـ قلبُه يُعتصر بقبضة فولاذية، فـ طريقة نطقها لكلمة أبيها و صوتها الحزين الضعيف جعل منه عزيز آخر و هو بيُقبل جبينها بحنان قائلًا:
– لازم نتقبل الواقع .. و نترحّم عليه عشان هو لو شافك كدا هيزعل أوي .. و إنتِ مش عايزة بابي يزعل منك صح؟
غمغمت و هي بتبصله بألم:
– يعني .. يعني خلاص كدا؟ مش هشوفه تاني؟ ده م\ات بين إيديا يا عزيز .. م\ات و أنا في حُ*ضنه!!!
ربت على وجنتها بإبهامه يهمس:
– كان عايز ياخدك في ح*ضنه قبل ما يمشي يا نادين .. دي حاجة المفروض تبسطك متزعلكيش!
تابعت تنظر له بضعف هامسة:
– خلاص كدا .. مبقاش ليا حد .. ولا حُ*ضن أترمي فيه!
تنهد و جذبها من ذراعها برفق لكي تجلس أمامه، و شدّها تاني بلطف لصدره، أراح راسها عليه و قال و هو بيمسح على شعرها:
– و أنا فين؟ أنا جوزك و إترمي في حُ*ضني في أي وقت!
– لاء يا عزيز إبعد!!
قالت تتلوى بين ذراعيه، فـ شدد على ح*ضنها هامسًا في أذنيها:
– ممكن تهدي شوية؟ سيبيني أخدك في ح*ضني!
إستسلمت بين أحضانه في إستكانة لأول مرة تكُن عليها، أبعد خُصلاتها عن عنقها المرمري، و دفـ,ـن أنفه بها يستنشقها لأول مرة يكُن بهذا القُرب، أغمضت عيناها و لم تقاومه، حتى تلك القبلات التي أخذ يوزعها على عنقها لم تقاومها، قبلات جنونية جعلتها تشعر أنها تُحلق في السماء، تنطق إسمه بضعفٍ أغراه أكثر:
– عزيز!!
تنهد و توقف عما كان يفعل، يُمسد فوق خصلاتها، يرفع رأسه لينظر لها فوجد الدمعات تتكون في عينيها، إتنهد و قام فـ و هو بيمسح على وجهه بيحاول يهّدي الرغبة الغريبة اللي بدأت تظهر جواه ليها، لقاها بتعدل لبسها بتقول بحنقٍ:
– إطلع برا يا عزيز!
قطب حاجبيه بدهشة، و قال بحدة:
– أطلع برا! ليه؟
هتفت بتغمّض عينيها و بتقول:
– تعبانة و عايزة أنام!!
مسمعتش بعد جملتها غير صوت الباب اللي بيتقفل بعـ,ـنف إنتفض ليه جسمها، إنسابت الدموع على وجنتيها و ملامح أبوها مبتروحش من قدام عينيها، بتفتكر آخر مكالمة بينهم اللي كانت بمثابة مطرقة خبطها بيها على راسها
– عزيز عندك يا نادين؟
تنهدت الأخيرة تقول:
– لاء يا بابا .. في الشغل كالعادة!
– طيب إسمعيني يا بنتي عشان أنا عندي كلام مهم أوي عايز أقولهولك و مش عايز عزيز يعرف بيه!
إعتدلت نادين في جلستها، و قالت مقطبة حاجبيها بقلق:
– قول يا بابا أنا سامعاك!!
إتنهد أبيها و قال و قد غامت عينيه بالحزن:
– فاكرة شريف!!
هتفت بحيرة:
– شريف! شريف أخو عزيز!!
ثم تابعت بمرارة:
– اللي داس يزيد بالعربية؟
– أيوا!
– مالُه؟
قالت و هي تقطب حاجبيها بضيق لما إفتكرت أخوها، فـ غمغم الأخير:
– أهل جوزك و جوزك عارفين إن شريف مـ,ـات في حـ,ـادثة، بس الحقيقة إن أنا اللي قت*لتُه!!
– إيــــه!!!!
صرخت بفزع و رجعت تكتم فمها بإيديها مصدومة من اللي سمعته، تعالى صدرها بأنفاس باتت تخنقها، و فضلت ثواني ساكتة مش قادرة تنطق لحد ما قالت:
– قت*لتُه يا بابا!!! إزاي!!
قال رفعت و هو مغمض عينيه بيسترجع اللي عملُه:
– بعت واحد لعربيته قط/علُه الفرامل!!
شهقت، و مسحت على خصلاتها بترجعها لـ ورا بتدور في الأوضة مصدومة مغمغمة:
– ليه .. ليه يا بابا ليه تعمل كدا!!
هتف رفعت بحسرةٍ:
– بتسألي ليه يا نادين؟!! ق*تلوا إبني و بتسأليني ليه؟ قت*لوا يا زين و هو لسه يا حبيبي ٨ سنين، داسه بعربيته عشان كان سكران، كان لازم أق*تله و أبرّد نا*ر قلبي يا نادين!
بكت بحُرقة و هي تقول و شهقاتها:
– شريف م\ات بعد مـ,ـوت أخويا بـ ٣ شهور، يعني إنت كنت خدت بتارك و بردو جوزتني عزيز .. طب ليه يا بابا؟!
قال أبوها بحزن:
– كان لازم أخليكي تتجوزيه، عزيز الراجل الوحيد اللي هآمن لبنتي معاه، و أنا بكبر يا نادين مبصغرش، و كان لازم أطمن عليكي مع حد يكون أد المسئولية، عشان كدا إتفقت مع رتئد على جوازكوا، وخصوصًا إني عارف إنك بتحبيه و إتعلقتي بيه، هددت رائد وقتها إن عزيز لو متجوزش نادين هيفضل سلسال الدـ,ـم شغال بينا حتى بعد مـ,ـوت شريف!!
إندفعت أنفاسها داخل رئتيها، و إنهارت باكية تُتمتم بألم:
– إنت عارف لو عزيز عرف يا بابا هيعمل فيا إيه؟
إنتفض رفعت يهدر بها بقوة:
– إياكِ .. إياكِ تجيبيلُه سيرة يا نادين، عزيز لو عرف يا بنتي مش هيسكت غير لما ياخد حق أخوه مني أو منك، و إنتِ مراته يا بنتي .. يعني في بيته و أنا مستحملش إنه يعمل فيكي حاجة!
– مُستحيل أقوله يا بابا!!
قالت بأعين مُسبلة بحزن، لا تصدق أن أبيها يقترف شيئًا شنيعًا كهذا، مش قادر تتوقع ردة فعل عزيز إيه لو عِرف، مؤكد هيق*تلها!!
عودة للوقت الحالي، إنسابت الدمعات على وجنتيها تتنفس بصعوبةٍ، بتحاول تهدي نفسها لحد ما غمّضت عينيها بتعب!
*********
رِجع لأوضتها بعد ما لَف بالعربية و ال\ مالي قلبُه، فكرة رفضها ليه و لقُربه جننُه، و هي اللي كانت بتتمنى حُ*ضن، بتتمنى يقربها و لو دقيقة، إبتسم ساخرًا و هو بيمشي في رواق الغرفة، فتح الباب فجأة و إتصد,,م لما شاف آخر حاجة يتوقعها!
دكتور واقف من المفترض إنه بيفحصها، لكن الحقيقة إنه كان فاكك أربع زراير من قميصه,,ا، وهي نايمة مش واعية للي بيعملُه، و عينيه على جس,,مها بشهوة هو كـ راجل قادر يميزها كويس، لدرجة إنه محسش بيه لما فتح الباب، الدم غِلي في عروقه، و إتصاعد وتيرة \ه و هو بيشده من بالطو الأطباء من خلف رقبتُه، بيلفُه ليه و بيسدد لك,,مة قوية أطاحت بيه أرضًا، إنتفضت نادين من نومها بفزع، و بصت لقميصها بدهشة و إبتدت تقفلُه بعدم فهم للي بيحصل، كل اللي شايفاه عزيز و هو فوق الدكتور بيض,,ربُه بق,,سوة أول مرة تشوفُه عليها، إتر,,عبت من منظره لكن قامت وقفت وراه و م,,سكت إيدُه بتحاول تبعدُه و هي بتردد بف,,زع:
– في إيه يا عزيز .. عزيز كفاية هتمـ,ـوتُه!!
– إبـــعـــدي!!!
الفصل الرابع
– في إيه يا عزيز .. عزيز كفاية!!
– إبـــعـــدي!!!
صرّ,,خ فيها بصوته الجهوري اللي إتل,,م على أثره المشفى بأكملها، بيحاولوا ينتز,,عوا الطبيب من بين إيدين عزيز، وقفت نادين قُدامُه، ما,,سكة في قم,,يصه بترجوه بعيون متوسعة:
– خلاص يا عزيز و حياة أغلى حاجة عندك!
إنتفض بيكلم باقي الدكاترة و الممرضين كإنه مش سامعها بيهدر فيهم بعن,,ف و إيديه على خصر نادين:
– الــوسـ.ـخ ده دخلت لقيته بيتحـ.ـرش بمراتي و فاتحـ.ـلها القميص، و رحمة أبـويـا ما هسيبُه إلا في القِسم أو في كـ.ـفنُه!!!
ثم حاول إبعاد نادين صائحًا بعـ,ـنف:
– و أنا قررت يبقى في كفـ.ـنُه!!!
إنتفضت نادين المصدو,,مة من كلامه و فِضلت ماس,,كه في قمي,,صُه بتقول راجية إياه:
– يا عزيز بالله عـليك!!!
– إسكتي خالص!!
قالها بع,,نف بيبصلها بعيون بتخرّج شرار، أسرع الطبيب بيقول بحدة:
– إنت أكـيـد مجنون!! أنا كنت بكشف عليها و بشوف نبضها ف طبيعي لازم أفتح زراير القميص!!!
أمسك بذراع نادين يبعده عن تلابيبه لكنها تشبثت به أكتر رافضة تركُه شايفة ملامح وشُه القاسية اللي بتتشنج من شدة عصبيته و هو بيصرّخ فيه:
– بتكشف عليها يا زبـ.ـالة، مش عليا الشويت, دول، قسمًا بـ ربي ما هحلك و هطربق المخروبة دي على دماغ اللي خلفوكوا كلكوا!
أسرع طبيب آخر بالتدخل يقول معتذرًا:
– إهدى يا عزيز بيه و هنعمل لحضرتك اللي إنت عايزه، أرجوك إهدى شوية بس و صدقني لو ده فعلًا حصل إحنا مش هنسيب الموضوع يعدي بسهولة .. دي مهما كانت مستشفى مُحترمة!
قال جملته الأخير بينظر للطبيب اللي بيتصبب عرقًا بنظرات ذات مغزى، هتف عزيز بقسوةٍ:
– و أنا مش هستنى لما تتأكدوا، أنا شوفته بعيني و مش مهتم تتأكدوا ولا لاء، سلمولي الدكتور ده بدل ما هطلع على أقرب قسم و هخلي سمعتكوا في الأرض و هشمّعلكوا المستشفى دي .. ده أنا عزيز القناوي يا حتة زبـ.ـالة!!! بتغلط مع عزيز القناوي!!!
شهق البعض بعدما تعرفوا على هوية الواثب أمامهم، أغمضت نادين عينيها من عجرفتُه اللا مُتناهية، بينما إنتفض الطبيب يقول بتلهفٍ:
– لاء و على إيه يا عزيز بيه، مدام حضرتك متأكد من اللي شوفته يبقى خدُه و إتصرف معاه براحتك!!
ثم تابع مترجيًا إياه:
– بس أرجوك يا بيه .. في بيوت مفتوحة من المستشفى دي، أرجوك بلاش شوشرة!!!
إبتسم بخب/ثٍ بعد ما خد اللي هو عايزُه، و قال و صدرُه بيعلى و بيهبط .. بلُهاث:
– و أنا موافق!
بصتلُه نادين مش مصدقة الللي بيعملُه، لقتُه بيطلع تليفونه و بيتصل بواحد من حُرا,,سه اللي كان واقف برا المستشفى عشان ييجي ياخد الدكتور، إنتفض الطبيب و في لحظة كان بيجر,,ي برا الأو,,ضة، إنتفض عزيز و بعد نادين عنه بكل قوته لدرجة إنها وق,,عت على الفرا,,ش، و طلع يجري وراه من غير تردد بينما ضر,,ب,, الطبيب الآخر كف على كف بيقول:
– هو اللي جابُه لنفسه!!!
خرجت نادين وراه و لقته م,,سكُه فعلًا و بيلكـ.ـمُه بقسوةٍ حتى نز.ف الآخير من فمُه و أنفه، ركضت نحوه و وقفت قُدامه بتصرّ,,خ فيه:
– يا عزيز كفاية بقى فض,,حتنا!!!
لم يُلقي بالًا لكلم\اتها، و جذب الطبيب من ياقات قم,,يصه بي,,صرخ في وشه:
– والله لأند,,مك على اليوم اللي قررت تعمل فيه كدا و تمد إيدك عليه!!!
أنقذه الحارس من بين برا,,ثنه، وجه عزيز كلم\اته للحارس و قال بحدة:
– أنا عايزُه في المخزن ..محدش يلم,,سُه لحد م أنا آجي فاهم!!
– أمرك يا عزيز بيه!
أخذه الحارس و خرجا من المشفى، بينما وقفت نادين مستندة على الحائط بظهرها، تضم ذراعيها لصدرها واضعة أناملها فوق شفتيها بتتابعُه بعينيها بصدمة إختلطت بحيرة، من بداية خصلاته اللي بقت مُشعثة، جبينُه المتكرمش و هو مكشّر بشكل خلّاها تبتسم غصب عنها، حاجبيه المعقودين، و عينيه الحمرا من شدة \ه و إنفعاله، شفايفُه المطبوقان للداخل و لرُبما هو دلوقتي بيتخيل نفس المشهد تاني، صدره اللي بيعلو و يهبط كإنه طالع من ماراثون، إتنهدت و هي بتبصلُه بحب، إتحول لخضة و هي شايفاه بياخد خطوات نِحيتها و ال\ متملك منه، كانت هتهرب لولا كفيه اللي إتمدت على كتفها و ثبتتها بعنـ,ـف في الحائط بيهمس بـ نبرة شعرت بخطورتها:
– إنتِ نومك للدرجة دي تقيل!! إزاي مصحتيش لما كان بيلمـ.ـس .. جس,,مك!!!
إهتاج صدرُه أكتر في الجملة الأخيرة من شدة \ُه، فقطبت حاحبيها و همست ببراءة:
– أنا محستش بـ حاجة .. والله!!
حاول تهدئة أعصابُه، و سابها و هو بيشد على شعره للخلف بعنـ,ـف، إزدردت ريقها و غمغمت بتردد:
– ممكن تهدى شوية؟
إبتسم ساخرًا و لف ليها و هو بيقول:
– ههدى حاضر .. أنا إيه اللي معصبني فعلًا؟ مجرد واحد حط إيده الوسـ.ـخة على مراتي حاجة عادية يعني!!
إبتسمت من قلبها فـ أشعلت نيرانه أكتر، رفع كفيه لوجهها فـ إتخضت لكن لاقته بيطبطب على وجنتيها و هو بيقول بإبتسامة صفراء و سُخرية:
– إضحكي .. إضحكي كمان!!








